نرحب بمشاورات الرياض.. ولكن مع العتب!

11:13 2022/03/25

تأتي مشاورات الرياض، والتي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي مؤخراً، لترتيب البيت اليمني وباستهداف مكونات الشرعية الرسمية والحزبية، في وقت صعب جداً تعيشه اليمن، وبعد سبع سنوات من الحرب، وبلغت من المآسي ما لم يذقه الشعب اليمني خلال مراحل تاريخه. وهي تعتبر خطوة في المسار الصحيح للملمة الشتات وتوحيد الصف ونبذ الخلافات البينية وتصفية الأجواء الملبدة، والانطلاق نحو تحرير البلاد من الانقلاب الحوثي برؤية موحدة وتنسيق أكثر مصداقية. ولا ننكر الدور الكبير الذي لعبته دول التحالف العربي، وفي مقدمتهم السعودية، في إنقاذ اليمن من قبضة إيران عبر أيديها الإجرامية المعروفة بجماعة الحوثي الإرهابية، والتي في الأساس لا تستهدف وطننا فقط بقدر ما تحمل مشروعا أوسع يستهدف المنطقة العربية كمشروع فارسي متكامل، ولتحقيق حلم عودة الإمبراطورية الفارسية للهيمنة على ثروات ومقدرات الدول العربية ونهبها؛ وهو ما يستدعي من الرياض أن تعيد النظر بالتعامل مع أزمتنا بآلية جديدة وأكثر جدية من ذي قبل. فالطريقة، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، التي تستخدم في التعامل مع الحوثيين منذ بداية الحرب أصبحت تضر بسيادتنا واستقرارنا، بالتوازي مع الأضرار التي تلحق بدول الجوار أكثر من السابق وتقوي من شوكة عملاء طهران. وهذا أظهرته العمليات الهجومية الأخيرة التي تطاول فيها الحوثيون على مصالح ومنشآت حيوية واقتصادية في كلٍّ من السعودية والإمارات .
مما لا شك فيه أن السعودية، خلال السنوات الماضية، كانت تحاول أن تختصر المسافة والوقت بأقل الخسائر لليمن، وتُبرز حسن الظن أمام المجتمع الدولي باعتبارها دولة ومسؤولة أمام العالم، وتحرص على تحقيق الانتصار للشرعية بأقل التكاليف الممكنة. وهي بهذا النهج تحاول إعطاء الفرص المتتالية لقوى الانقلاب بأن تتراجع عن صلفها وترعوي وترضخ للسلم وتترك السلاح وتحتكم للمنطق والعقل، لكن ذلك بات من المستحيل، ولا ينفع مع تلك الجماعة إلا الحسم العسكري بحسب رأي الكثير من السياسيين والعسكريين.
نستطيع أن نقول إن مشاورات الرياض مقدمة لتغيير الآلية السعودية في التعاطي، والبداية تكون من الداخل اليمني، لكن ينبغي ألا تستثني هذه العملية أي مكون من المكونات حتى يكتب لها النجاح. ومع تقديرنا لجهود مجلس التعاون الخليجي ولكل الذين تم ترشيحهم، إما عن طريق الرئاسة أو مكونات ومؤسسات الشرعية الرسمية أو الأحزاب السياسية، إلا أن هناك عورا طرأ على التشكيلة وهناك تهميشا لنا كنساء يمنيات، ونشعر معه بالغصة والحزن لما يمارس من تجاهل تجاهنا، حتى زاد من أوجاعنا فوق ما نحن عليه من ألم وصدمات نفسية لازلنا نعيش آثارها حتى اللحظة. 
ولا أقصد هنا أي امرأة، ولكن أخص بالذكر من تعرضن للانتهاكات والتعذيب من قبل جماعة الحوثي وخرجن من سجونه بأعجوبة ونجون من الموت المحقق وأصبحن مشردات في مصر وغيرها ويتجرعن قساوة القهر والبعد ووحشة الغربة وصعوبة المعيشة. فمن المستغرب ألا يجدن فرصة المشاركة، بل هي حق من حقوقهن، وليس كما يعتقد البعض بحثاً عن المال والبدلات بقدر ما أنهن ذقن صنوف الانتهاكات وهن أكثر دراية بوحشية تلك الجماعة الإرهابية. فهن أكثر قدرة على شرح وضع السجون والسجينات والمعتقلات ومآسيهن، وذلك من واقع ما عايشنه ولمسنه، فلم يكنّ يعشن في بحبوبة وحياة رغدة وفي أفخر الفنادق العالمية والمساكن الفارهة. وفي اعتقادنا أن مثل هذا الطلب حق مشروع. 
كنا نتوقع أن يراعي منظمو مشاورات الرياض هذا الجانب الحساس، والذي سيثري المشاورات بالكثير من المعلومات والاقتراحات والملاحظات بما يخدم توجه مجلس التعاون الخليجي من خلال استهداف مجموعة من النساء في (رابطة حماية المعنفات والناجيات من سجون الحوثي)، لأن قضاياهن المؤلمة وحكاياتهن المرعبة لا يمكن أن يغفل عنها أحد أو يهملها طرف إلا إذا كان يعمل مع جماعة الحوثي! وهذا يسوقنا إلى سؤال هو: من مصلحة من أن يتم إهمالنا وعدم إشراكنا؟
لا يزال هناك متسع من الوقت يسمح بإعادة النظر في تشكيل المشاركين في المشاورات، ولا يزال الأمل يحدونا باستشعار القائمين على هذا المشروع، وفي مقدمتهم أمين عام المجلس الخليجي وقيادة الشرعية، بالمسؤولية بترشيح من يمثلنا، فلا أحد من المشاركين يستطيع أن يتحدث عنا كما نحن، فالذي قدمه في الماء غير الذي قدمه في النار.
أخيراً، نقول أنه بدون مشاركة المعنفات لن يكون النجاح مكتملاً إن حصل نجاح.