Image

أسطوانة الغاز تتحول إلى حلم للمواطنين في مناطق الحوثي

تجويع الشعب وجعله مشغولا باحتياجاته اليومية سياسة اعتمدها النظام الإمامي طوال تاريخه في اليمن. فبالجهل والتجويع يعرف الحوثي أن تلك الطريقة التي انتهجها أسلافه هي التي يستطيع من خلالها أن يتحكم بزمام الناس وصرفهم عن قضاياهم إلى الانشغال بمتطلبات الحياة التي قام بتضييقها لإرضاخهم؛ بحيث لا يكادون يحصلون على أدنى استحقاقاتهم حتى يعتبروا ذلك انتصارا. 
فأقصى ما أصبح المواطن اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا هو الحصول على أسطوانة غاز أو جالون بنزين أو سلة غذائية. لقد أوصلهم الحوثي إلى تلك المعادلة المجحفة فارضا عليهم أسلوب البطش والقهر بعد أن سلب مرتباتهم وسلخ جلودهم لإشباع بطن سيد صعدة.
اعتمدت مليشيا الحوثي الإرهابية حالة من القهر المعيشي على المواطن لدرجة أن أسطوانة الغاز أصبح لا يحصل عليها إلا من خلالهم، فيشعرونه بأنهم يعطونها له كهبة ويتفضلون عليه بها كرما منهم، فيروح يزاحم في الطوابير الطويلة أمام بيت عاقل الحارة حاملا دبته على ظهره كنعش، منتظرا متى سيملؤها له عاقل الحارة المنتفخة كرشه وأوداجه، وخائفا من أن يكون قد تأخر عن الموعد الذي قد تحدد في تسليم الأسطوانات الفارغة.  
ترى في الطابور الواحد المرتص أمام بيت هذا العاقل أو ذاك رجالا ونساء وأطفالا وعجائز، كل واحد منهم أمام أسطوانته والمبلغ الذي تكون قد حددته المليشيا ثمنا لأسطوانة الغاز مقبوض في يده كما لو كان يقبض على وصية خوف أن تضيع منه. 
تهدر كرامتهم لساعة من الزمن والبؤس مسيطر على الوجوه، قبل أن يبدأ عاقل الحارة وخبرته بتسلم الأسطوانات من أولئك الغلابى نساء ورجالا وأطفالا، وبتأفف يشعرهم بأنهم إنما يقدمون لهم خدمة لا يستحقونها. 
ذلك الشعور لا يكفيهم أن يذوقوه من مليشيا الحوثي حتى يذوقوه أيضا من عقال الحارات وزبانيتهم. وهؤلاء لا يختلفون عن أولئك بل هم امتداد لهم على أية حال. 
وبعد أن يسلموا أسطواناتهم يحصلون على ذلك الصك الذي يمنح كلا منهم رقما لأسطوانته لن يتسلمها فيما بعد إلا به، فتراهم يأخذونه بلهفة من حصل على صك حرية.
مشهد مؤلم لحالة القهر المستمرة التي يعيشها الإنسان اليمني في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، ومع احتياج واحد لا غير، ناهيك عن عشرات الاحتياجات الأخرى والمشاهد المؤلمة الأخرى التي تستدعي منه الوقوف مستجديا مثل مشهد طوابير الغاز المنزلي، سواء في محطات الوقود أو نقاط توزيع الخبز أو توزيع الدقيق أو توزيع المساعدات المالية أمام شركات الصرافة.