Image

مليشيا الحوثي تقطع أرزاق ملاك شبكات الإنترنت

أقدمت مليشيا الحوثي الإرهابية على توجيه ضربة قاصمة لأصحاب شبكات الإنترنت المحلية، في سياق تضييقها الخناق على المواطنين في المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرتها؛ حيث لم تترك متنفسا ولا مجالا للدخل إلا واستحوذت عليه.
واتخذت المليشيا الإرهابية سلسلة من الإجراءات الاستباقية ضد مالكي الشبكات، قبل أن تقوم بمصادرة معدات الكثير منهم الخاصة بتفعيل شبكة الإنترنت المحلية في الحارات والشوارع، لتتوج إجراءاتها بقيام مؤسسة الاتصالات في صنعاء، الخاضعة لسيطرتها بتدشين، ما يسمى خدمة "يمن واي فاي" العامة، لتقضي على جملة الشبكات المحلية التي تمثل مصدر الدخل الوحيد لأصحابها.
ووصف مالكو الشبكات المحلية ما أقدمت عليه المليشيا بقطع أرزاقهم والتضييق عليهم وعلى أسرهم، حيث لم يعد لهم ولا لعائلاتهم مصدر دخل آخر، مشيرين إلى أن المليشيا تنتقم من المواطن اليمني وتنكل به. 
رمزي محمد، أحد مالكي شبكات الإنترنت في أحد أحياء العاصمة، يقول إن تدشين مؤسسة الاتصالات خدمة "يمن واي فاي" يعد "ضربة قاصمة جديدة لمصدر رزقنا".
ويضيف بأن هذه الخدمة هي في الأساس خدمة للحوثيين وليس للمواطن، فبالإضافة إلى أن مليشيا الحوثي ستجني أموالا طائلة عبر تلك الخدمة، ستُفعّل نظام رقابة صارما على كل مستخدميها، بحيث سنشهد حوادث اعتداءات متكررة على المواطنين بتهم شتى، وستحظر عليهم كل المواقع التي تفضح سياستهم، بحيث لن تعود المواقع المتاحة عبر الإنترنت إلا مواقعهم هم، وذلك في إطار تعميم وجهة النظر الحوثية في جميع وسائل وشبكات الإنترنت.
وكانت شبكات الإنترنت قدمت خلال الأعوام الماضية خدمة سهلة عبر انتشارها في عموم شوارع المدن والمناطق كمشاريع صغيرة مربحة للآلاف من الأشخاص في مختلف المحافظات اليمنية. 
وتقدم خدمة الإنترنت للمواطنين الذين لم يتمكّنوا من الحصول على خط إنترنت خاص بهم، ويستخدمون تلك الشبكات المنتشرة في الأحياء والأرياف عبر شراء كروت ذات سعات مختلفة تابعة لتلك الشبكات.
والاثنين الماضي (16 مايو/أيار)، أعلنت مؤسسة الاتصالات التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، تدشين خدمة الإنترنت عبر "يمن واي فاي" (للشوارع والأسواق والأحياء) بأمانة العاصمة صنعاء وأطلقت 48 نقطة في الأماكن العامة كمرحلة أولى، بسرعة تصل إلى 10 ميجا، وبأسعار وصفتها بـ"المناسبة"، وذلك لتسويق خدمتها، بالإضافة إلى إعلانها بأن الاستخدام مجاني خلال ثمانية أيام من أجل تحفيز المواطنين على استخدام الخدمة وتجربتها.
وقد تبدو تلك الخدمة للوهلة الأولى أنها بمثابة خدمة جديدة لصالح المواطنين يقدمها الحوثيون، غير أن ذلك ليس دقيقاً في ظل خدمة الانترنت في اليمن عموماً وارتفاع أسعارها منذُ خضوعها لنفوذ المليشيا، في الوقت الذي تعد الخدمة الجديدة استحواذا جديدا من مليشيات على المشاريع الصغيرة التي أطلقها المئات من الشباب خلال الثمان السنوات الماضية في توزيع خدمة الانترنت.
في العام 2019، بدأ الحوثيون في مناطق سيطرتهم حملة واسعة استهدفت مصادرة أجهزة بث شبكات الإنترنت في الأحياء المختلفة، وخاضت حرباً مع مالكيها الذين تكبدوا خسائر كبيرة، واستطاعت مصادرة الآلاف منها بمبرر البحث عن ترخيص، أو استخدام أجهزة للبث غير مرخصة. ومنذُ ذلك الحين تعرض من تبقى من ملاك هذه الشبكات لجملة من المضايقات والتعسفات من قبل مؤسسة الاتصالات الحوثية.
رمزي محمد، أحد مالكي شبكة إنترنت محلية، يقول: "كنت أعمل في محل إنترنت، ثم بعت ذهب والدتي واقترضت مبالغ من الأهل لشراء أجهزة الشبكة، وبدأت بمشروعي من أجل إعالة أهلي لكن تعرضنا لسلسلة مضايقات من سلطات الحوثيين خلال السنوات الماضية".
ويضيف: اتهمنا جهاز "الأمن والمخابرات" التابع للحوثيين بأننا نتجسس لصالح العدوان، وبدأ حرباً علينا بوسائل مختلفة تحت هذه الذريعة، وطلب منا ندفع أموال رسوم وصولاً إلى رفع أسعار الانترنت وإلغاء الباقة الذهبية المفتوحة.
وقال: "مع تدشين خدمتهم المنافسة (يمن واي فاي) تبين لنا الآن ان مضايقتهم لمالكي الشبكات هدفه الوصول لذلك، وقد انخفض طلب الناس على كروت الشبكة التابعة لي خلال الأيام الماضية لأن إحدى نقاط هذه الخدمة نُصبت في نطاق الحارة التي اعمل بها".
وعن هدف سلطة المليشيا الآخر وراء خدمة "يمن واي فاي" الحوثية، قال خبير الاتصالات وتقنية المعلومات، محمد المحيميد إن خدمة الانترنت اللاسلكية العامة، التي دشّنتها الاتصالات الحوثي الأسبوع الماضي في أمانة العاصمة صنعاء تسهّل عملية التجسس على المستخدمين لها من قبل ميليشيا الحوثي، خاصة أنه يتطلب استخدامها فتح حساب مستخدم على نافذة تلك الخدمة على الانترنت".
وأضاف المحيميد: "كل قطاع الاتصالات والانترنت في اليمن غير آمن، لأنها تحت سيطرة مليشيات الحوثي، ويمكنها التجسس على جميع المشتركين في أنحاء اليمن، وقد راح ضحية ذلك العديد من القيادات الأمنية والحكومية والنشطاء في اليمن، إلا أن الخدمة الجديدة خطوة متقدّمة من عمليات التجسس، وسيبقى اليمنيون تحت رحمة المليشيا ما دام الحوثيون المتحكمين بقطاع الاتصالات والإنترنت".
وخلال حرب الحوثيين على مالكي الشبكات خلال السنوات الماضية، كانوا يشنون حرباً إعلامية موازية عليهم، باتهامهم بابتزاز النساء والفتيات من خلال اختراق خصوصياتهن وسرقة صورهن، بالإضافة إلى اتهامهم بالعمالة لما يسمونه العدوان، في إشارة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
هذه الطريقة والأسلوب المتبعان من قبل المليشيا جعلا الكثيرين من أصحاب التجارات الصغيرة يخضعون لها؛ حيث يترصد الحوثيون أي مصدر دخل توفره المشاريع الصغيرة لأصحابها ولأسرهم فتبدأ بمحاربتها والتضييق عليها بتهم شتى أبرزها أسطوانة مشروخة اسمها العدوان، حتى تكون قد استحوذت عليها فأصبح كثير من أصحاب تلك المشاريع عاطلين ولا يجدون قوت يومهم.