Image

ضحايا عصابة الحوثي.. البهائيون في اليمن استهداف الهوية والمعتقد

كغيرهم من الأقليات الدينية في اليمن، تعايش المجتمع اليمني  بسلام مع البهائيين في اليمن لسنوات طويلة. لكن منذ انقلاب عصابة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران على الدولة اليمنية وسيطرتها على العاصمة صنعاء وغيرها من  المحافظات، بدأت انتهاكات هذه العصابة بحق الطائفة البهائية تظهر إلى العلن، وازدادت مع مرور الأيام حتى بلغت ذروتها باعتقال قياداتهم والحكم عليهم بالإعدام. 
 
غير أنه بفعل الضغط الدولي على العصابة الحوثية، تراجعت عن الإعدام وأصرت على ترحيلهم من وطنهم ونهبت كل ممتلكاتهم، في سابقة هي الأولى من نوعها تسجل في اليمن، وفق مراقبين. 
 
شهدت اليمن منذ سيطرة عصابة الحوثي على السلطة عام 2014  أسوأ وضع إنساني على الاطلاق. وكان بهائيو اليمن -علاوة على تدهور أوضاعهم كغيرهم من فئات المجتمع اليمني الأخرى- ممن تعرضوا لعمليات اضطهاد جماعي ممنهج وحرمانهم من أبسط الحقوق الإنسانية، ونفيهم وإجبارهم على الهجرة القسرية، وغير ذلك من الممارسات الإجرامية بحق مواطنين كرسوا حياتهم لخدمة اليمن وبنائه، يحترمون النظام والقانون ويخدمون الوطن بتفان وإخلاص.
 
تقول قيادات في الطائفة البهائية، ومنهم عبد الله العلفي عضو مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن، إن وسائل الإعلام ركزت على انتهاكين وحيدين ضد أبناء الطائفة البهائية في اليمن فقط، ولم تطلع بشكل كافٍ عن مجمل الانتهاكات الممنهجة ضدهم.
 
قبل سنوات، نشرت وسائل الإعلام المحلية والعالمية قضية حامد بن حيدرة بشكل موسع، حيث قامت عصابة الحوثي باختطاف وتعذيب حيدرة بشدة وتم مصادرة ممتلكاته ثم حكم عليه بالإعدام لكونه بهائيا.
 
وكذلك قضية المعتقلين في صنعاء، والذين تعرضوا أيضا لأصناف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي، وتم في النهاية نفيهم من وطنهم كخيار وحيد لهم.
 
وأجبرت عصابة الحوثي مجموعة من المحكوم عليهم من البهائيين على مغادرة البلاد لبلد آمن، بعد تعرضهم للسجن من ثلاث إلى سبع سنوات، وهم: وليد عياش، وائل العريقي، أكرم عياش، كيوان قادري، حامد بن حيدرة، وبديع الله سنائي وزوجته، حيث غادروا اليمن بالفعل بتاريخ ٣١ يوليو عام ٢٠٢٠. 
 
غير أن هناك عشرات وربما مئات من البهائيين الذين يعانون بصورة شبه يومية من مستويات مختلفة من الاضطهاد، وفق ناشطين بهائيين. 
 
ويلخص هؤلاء الناشطون أبرز الانتهاكات التي مازال البهائيون في اليمن يتعرضون لها من قبل عصابة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، ومنها مصادرة ونهب أموال وممتلكات العشرات دون وجه حق وبصورة مخالفة للقانون ودون أي تسجيل أو قيد قانوني، وقطع أرزاق العديد من العوائل والتسبب في تسريح البعض من وظائفهم.
 
وكذا إغلاق مؤسسات تابعة لهم مرخصة، وسرقة ممتلكاتها، بالإضافة إلى المضايقات المالية وتجميد المعاملات المصرفية للبهائيين ومن يتعاملون معهم، من خلال البنك المركزي ومراكز الصرافة وغيرها. ناهيك عن مضايقة العشرات من الأفراد والعوائل البهائية ووضع بعض النساء تحت الإقامة الجبرية.
 
في أغسطس ٢٠١٦، اعتقلت عصابة الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، عددا من قيادات وناشطي الطائفة البهائية في اليمن بتهمة قيامهم (بتنظيم مؤتمر شبابي يحث على السلام والتعايش والقبول بالآخر)، وهو ما تعتبره عصابة الحوثي جريمة ترمي إلى تثبيط الشباب عن الذهاب إلى جبهات القتال، وأجبرت المعتقلين مقابل إطلاق سراحهم على تقديم ضمانات وكتابة تعهدات بعدم القيام بأي أنشطة إنسانية وثقافية. وقامت بإغلاق مؤسسة نداء ومؤسسة التميز، ونهب كل ما فيها من وثائق وأجهزة وأثاث.
 
بل وحاكمت البهائيين بتهمة التآمر على أمن وسلامة اليمن من خلال القيام بالأعمال الخيرية وتقديم المساعدات الإنسانية للفقراء والمرضى والشباب، ومكافحة الأميّة ودعم التعليم والتنمية البشرية. وادعت النيابة صراحة في قرار الاتهام الذي أيدته المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء أن "ظهور البهائيين بمكارم الأخلاق من شأنه إغراء المسلمين على ترك الإسلام واعتناق الدين البهائي"، حد قولهم.
 
وبين الحين والآخر، تقوم عصابة الحوثي بمداهمة المنازل وترويع العوائل والأطفال وإطلاق النار على المنازل لإحداث الرعب، والتهديد الصريح بالقتل والتصفية الجسدية وبث الرعب لدى الأطفال بتهديد قتل آبائهم وأمهاتهم، وتهديد الأقارب والزوجات بالحبس والاعتقال في حال الدفاع عن ذويهم وإصدار قوائم عشوائية للمطلوبين من أبناء الطائفة البهائية في اليمن.
 
كما أقدمت العصابة الحوثية، خلال السنوات الماضية، على الشروع في قتل عدد من البهائيين.
وأكد قيادات وناشطون بهائيون قيام عصابة الحوثي بممارسة ضغوط متتالية ومنهجية عليهم لإجبارهم على ترك معتقدهم وإخفاء هويتهم. كما بذلت مساعٍ حثيثة لإجبار العديد منهم على ترك قراهم ومدنهم، بل والهجرة من البلاد.
 
وأمام كل تلك الانتهاكات بحق البهائيين، اضطرت العديد من الأسر إلى تغيير أماكن سكنهم عدة مرات، بسبب ما يتعرضون له من مضايقات، أو لوجود أسمائهم على قوائم المطلوبين، وهو الأمر الذي تسبب في حرمان عدد من الأطفال من الانتظام بالمدارس، وكذلك حرمان عدد من طلاب المدارس والجامعات من حضور الامتحانات النهائية لذات السبب ومنع الأفراد من ممارسة عباداتهم وإصدار أحكام بإغلاق المؤسسات الإدارية البهائية ومصادرة ونهب ممتلكاتها، ومصادرة عدد من المقابر البهائية،
 
بالإضافة إلى حرمانهم من حقوق المواطنة، والتشويه المنهجي والمكثف لسمعة أبناء المعتقد البهائي ونشر الإشاعات الكاذبة عنهم، وتسخير وسائل الإعلام الرسمية والكتاب المحسوبين على النظام لتشويه سمعة البهائيين، وتوجيه الإهانات لهم ولمعتقدهم إلى جانب التجسس على المكالمات والاتصالات، وتوجيه خطباء الجوامع بإلقاء خطب طائفية ضد البهائيين وتحريض الناس على استخدام العنف والطائفية ضدهم، وغير ذلك من القصص المؤلمة والمضايقات المنهجية التي تصفها قيادات البهائيين في اليمن والناشطون المعنيون بالدفاع عن حقوق هذه الطائفة بأنها "جريمة تطهير ديني" ونوع من أنواع الإبادة الصامتة التي تستهدف هويتهم ومعتقدهم وحياتهم اليومية.
 
وقوبلت انتهاكات عصابة الحوثي الإرهابية المستمرة بحق البهائيين في اليمن، بإدانة واسعة من قبل العديد من المنظمات الحقوقية  المحلية والدولية.
ودعت هذه المنظمات عصابة الحوثي إلى وقف اضطهاد البهائيين واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ووقف المحاكمات التعسفية على خلفية الدين.