Image

المجلس الوطني للأقليات: مدونة الحوثي انتكاسة كبيرة للحقوق المدنية والسياسية والدينية في اليمن

اعتبر المجلس الوطني للأقليات في اليمن مدونة العبودية التي أصدرتها عصابة الحوثي الإرهابية تحت مسمى "مدونة السلوك الحوثية" انتكاسة كبيرة للحقوق المدنية والسياسية والدينية في اليمن.
 
وقال المجلس، في بيان له، إن مدونة السلوك الوظيفي التي أصدرتها عصابة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران مؤخرا تجسد فكرهم وعقيدتهم وتعزز التهميش والإقصاء والتمييز والتعصب الديني في المجتمع اليمني المتعايش منذ قرون.
 
 ووصف المجلس المدونة بأنها  عمل من أعمال السطو على الحقوق والحريات للشعب اليمني، وعائق للسلم الاجتماعي، ودعوة صريحة لمصادرة وإفساد الوظيفة العامة وإقامة منظومة تستند إلى الشللية والتمييز والولاء الأعمى، وأسلوب قميء لاستغلال الوظيفة العامة من أجل الاستيلاء على المكتسبات الوطنية لمصلحة فئة من المجتمع تدعي الحق الإلهي، حد تعبيره. 
 
وأضاف: من يطلع على المدونة لا يجد معنى لها سوى أن عصابة الحوثي تهدف إلى إجبار موظفي الدولة على مبايعة عبدالملك الحوثي إماماً على اليمن بسلطة تسمو على الدستور وجميع سلطات الدولة المنتخبة من قبل الشعب، لافتا الى ان ذلك يتضح  من خلال وضع صورة عبدالملك الحوثي في مقدمة المدونة كإمام مفروض على الشعب ،
 
بالإضافة إلى تحديد مرجعية المدونة بخطاباته كمرتكز مقدس في مرتبة القرآن الكريم، ودس مبدأ الالتزام بالولاية في المدونة وهو مبدأ شيعي قائم على الحق الإلهي للسلالة الهاشمية في الحكم دون غيرهم.
 
وفيما يلي نص البيان:
 
(بيان إدانة واستنكار)
يا جماهير شعبنا اليمني 
اطلعنا في المجلس الوطني للأقليات في اليمن على "مدونة السلوك الوظيفي" التي اصدرتها السلطة الحوثية، بذريعة تحسين جودة الخدمات العامة لمؤسسات الدولة وبما يعود بالنفع على المواطن اليمني كما زعموا. بينما هي في حقيقتها تمثل انتكاسة كبيرة للحقوق المدنية والسياسية والدينية التي تعهدت بها اليمن أمام مواطنيها، والتزمت بالعمل بموجبها وفقا لدستورها وتشريعاتها النافذة وجميع المعاهدات والإتفاقيات الدوليه التي صادقت عليها، فالحكومة ملزمة بموجب المادة (السادسة) من دستور الجمهورية؛ والعمل وفق ميثاق الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والإعلان العالمي لحقوق الانسان والقوانين الدولية المعترف بها".  
 
من يطلع على المدونة لا يجد معنى لها سوى أن جماعة الحوثي تهدف إلى إجبار موظفي الدولة على مبايعة عبدالملك الحوثي إماماً على اليمن بسلطة تسمو على الدستور وجميع سلطات الدولة المنتخبة من قبل الشعب، يتضح ذلك من خلال وضع صورة عبدالملك الحوثي في مقدمة المدونة كإمام مفروض على الشعب شئنا أم أبينا، بالإضافة إلى تحديد مرجعية المدونة بخطاباته كمرتكز مقدس في مرتبة القرآن الكريم، ودس مبدأ الالتزام بالولاية في المدونة وهو مبدأ شيعي قائم على الحق الإلهي للسلالة الهاشمية في الحكم دون غيرهم.
 
كما أن المدونه تهدف إلى تحويل الوظيفة العامة إلى جزء من غنيمة خاصة بالجماعة الحوثية، وتحويل الخدمة العامة الى خدمة خاصة للحوثيين ، وإجبار موظف الدولة بأن يصبح موظفاً بالسخرة لخدمتهم ، وأن يمتثل للمبادئ الكهنوتية والظلامية الاستبدادية التي تضمنتها المدونة وتفرضها عليه تحت التهديد بالفصل من الوظيفة ان لم يمتثل لها ويعمل بموجبها ، الأمر الذي نشجبه ونرفضه جملة وتفصيلاً كمواطنين يمنيين ينتمون الى أقليات دينية وعرقية، كما يشجبه ويرفضه الشعب اليمني بكل مكوناته وينبذه العالم بشدة منذ عقود . وهو ما أكدته الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري 1965 "بأن أي مذهب للتفوق القائم على التفرقة العنصرية مذهب خاطئ علمياً ومشجوب أدبياً وظالم وخطر اجتماعياً، وبأنه لا يوجد أي مبرر نظري أو عملي للتمييز العنصري في أي مكان".
 
من حق أي إنسان اليوم أن يؤمن بما يشاء لكن لا يحق لأحد فردًا كان أو جماعة أن يمارس التمييز العنصري بحق الآخرين، فما بالكم أن يحشر التمييز في مرسوم رسمي ويجعله شرطا أساسا للوظيفة العامة والترقية وتقييم السلوك.
 
إن المدونة بصيغتها الراهنة تضع حواجزاً عنصرية وطائفية أمام العدالة الاجتماعية، وتتبنى نهجًا متحيزًا يؤدي إلى تصنيف المجتمع بين مُوالٍ وغير موال للجماعة، وتابع ومعارض، وهو فرز خطير يهدد السلم الاجتماعي الذي يحتاجه اليمنيون بعد سنوات الحرب والحرمان من ابسط الاحتياجات الانسانية. هذا الفرز البغيض كنا قد عانينا منه في المراحل السابقة رغم الديمقراطية والتعددية الحزبية ، سيما نحن الأشخاص المنتمون إلى الأقليات الدينية والعرقية ، عندما كانت بعض القوى الإسلامية الراديكالية والمتطرفة تحظى بالنفوذ والهيمنة على قرار الدولة ، وتعمل بكل امكانياتها على تكريس التمييز والتعصبات الدينية والفئوية ومناهضة حقوق الإنسان والحريات الأساسية ، وتهميش واقصاء الافراد المنتمين الى الأقليات الدينية وحرمانهم من حقهم في المواطنة المتساوية ، حتى تقوّض السلام في اليمن  واشتعلت الفتنة ووصل الحال إلى مرحلة الانفجار والعنف والحرب. وكما كنا نرفض الحواجز العنصرية السابقة كمعايير للولاء الوطني ، نرفض ونحذر بشدة الحواجز العنصرية والطائفية التي يزرعها الحوثيون من خلال مدونتهم المشجوبة وغيرها من القوانين واللوائح سواء التي أعلنوا عنها واصبحت نافذة أو التي لم تخرج للعلن بعد. كل القوانين واللوائح التي لا تراعي المواطنة المتساوية ، ولا تصون الحقوق المدنية والسياسية التي اكدها الدستور اليمني هي قوانين لا تقصي الاقليات الدينية والعرقية فحسب بل تقصي جميع المكونات الوطنية ، وتكرس نظاما فرديا بغيظاً ، وهو ما تؤكده مدونة الحوثيين اليوم بما فيها من مبادئ اقصائية تقضي على التنوع المذهبي والحزبي والفكري والديني وتصادر كل حق مكفول للموظف والمواطن ، وهو ما ينبغي رفضه جملة وتفصيلا. 
 
وهنا نود التأكيد بأنه ينبغي أن يكون التنوع والشمول من أولويات التوظيف في الخدمة العامة وجزءا من استراتيجية الدولة وثقافتها، وأي معايير للوظيفة العامة يجب ألا تتجاهل احترام تعدد الخلفيات الدينية والفكرية والعقدية والعرقية والسياسية؛ واعتبار ذلك مقياسا اساسيا للنزاهة، علاوة على معيار الكفاءة والاخلاق المهنية وغيرها من المعايير الموضوعية، كما أن مبدأ التنوع في الوظيفة العامة هو معيار أساسي لقياس قيم التعايش والقبول بالآخر والمساواة والعدالة الاجتماعية وعدم احتكار القرار لمصلحة فئة معينة من المجتمع بغض النظر عن حجمها ونفوذها. وعلى جميع القوى السياسية أن تستوعب ذلك جيدا وليس الحوثيين فقط .. 
إننا في "المجلس الوطني للأقليات في اليمن" ندين بشدة، مزعوم مدونة السلوك الوظيفي ونرفضها رفضا قاطعًا، ليس لأنها صادرة عن الحوثيين وتجسد فكرهم وعقيدتهم ، بل لأنها تعزز التهميش والإقصاء والتمييز والتعصب الديني، ونؤكد أنها بذلك عمل من أعمال السطو على الحقوق والحريات للشعب اليمني، وعائقا للسلم الاجتماعي، ودعوة صريحة لمصادرة وإفساد الوظيفة العامة وإقامة منظومة تستند إلى الشللية والتمييز والولاء الأعمى، واسلوب قميء لاستغلال الوظيفة العامة من أجل الاستيلاء على المكتسبات الوطنية لمصلحة فئة من المجتمع تدعي الحق الإلهي .
 
وعليه ندعو النخب الثقافية والفكرية والشخصيات الوطنية إلى نبذها وادانتها، كما ندعو المجتمع الدولي إلى الضغط على الحوثيين وتذكيرهم بالتزامات اليمن؛ والعمل بموجب الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتمييز في مجال الاستخدام والمهنة التي أقرتها منظمة العمل الدولية في عام 1958، وغيرها من الاتفاقيات الدولية التي تصون المواطنة الحاضنة للتنوع في كافة مجالات الحياة .
 
كما ينبغي أن يخضع كبار القادة والمدراء والموظفين للمساءلة باعتبارهم قدوة لتنفيذ التزامات الدولة وتعهداتها الدولية في إطار قانون الخدمة المدنية والمصلحة العامة.
صادر عن المجلس الوطني للأقليات في اليمن 
الأحد ٢٠ نوفمبر 2022