مع اقتراب سقوط الحكم في إيران.. زمن الحرب أطول من زمن السلام

09:00 2022/11/26

يقول عالم الاجتماع الفرنسي ماكس فيبر بأن الحياة تقوم على فرضية واحدة هي الصراع أو التعاون. ومما لا شك فيه أن الحرب ظاهرة تاريخية مترابطة مع وجود الإنسان منذ الأزل حتى يمكن القول إن التاريخ الانساني هو تاريخ حرب. 
 
لقد تطرق فلاسفة كثر لتفسير هذه الظاهرة من حيث أن الإنسان تتنازعه طبيعتان الخير والشر. ومثلما يقول القيلسوف الإنجليزي هوبز أن الانسان ذئب لأخيه الإنسان. 
 
صحيح أن المعاهدات والاتفاقيات الدولية حدت من الحروب، لكنها لم تمنعها. فإذا كاتت الحرب بحسب منطق هيجل فوضى اجتماعية، فإن النظام هو وليد الفوضى، والنقيض صحيح أيضا.
 
بينما يعتقد العلامة ابن خلدون المتقدم على هوبز وهيجل بالطبيعة البشرية لتفسير ظاهرة الحرب، ويرى أن العدوان غريزة بشرية متأصلة في الإنسان. ولكبح هذه الغريزة، لا بد من وجود نظام حكم له الغلبة والسلطان ويحتكر القوة لرد الظلم وتنظيم الجماعة. 
 
إن ما سبق هو استهلال للتفكير الاستراتيجي في منطقتتا العربية للتهيؤ لتداعيات احتمال سقوط نظام الحكم الديني الإيراني قريبا، وربما بصورة دراماتيكية.
 
فالنظام بات آيلا للسقوط وفقد حاضنته الشعبية والشعوب الإيرانية وحتى القومية الفارسية أظهرت رغبتها في زوال هذا النظام.
 
إلا أن السؤال الجوهري: كيف سيسقط؟ وما البديل؟ وكم سوف تستغرق فترة التحول هذه؟
 
لا أحد قادر على التكهن بالبديل، لأن ذلك سيأخذ وقتا طويلا حتى تتبلور سلطة في إيران قادرة على حكم البلاد. وإيران سوف تشهد نزاعات داخلية ستستمر لسنوات بسبب القمع والظلم والتهميش.
 
ثم إن الأهم ماذا سيحدث لحلفاء إيران في اليمن والعراق ولبنان وسوريا وغزة؟ وماذا سيكون رد فعل القوى الدولية التي أسهمت في إيصال هذا النظام الثيوقراطي إلى السلطة، مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا؟
 
فالإدارة الىمريكية سوف تؤيد أي قوة بديلة تمسك السلطة ومعها فرنسا اللاهثة على مصالح تجارية، وبريطانيا ستلحق بالموقف الأمريكي كالعادة. ولكن العامل الإقليمي المؤثر سيكون إسرائيل التي تريد قبل معرفة هوية النظام البديل تريد معرفة مصير الأسلحة النووية ومراحل تطورها ومواقعها وكذلك الصواريخ البالستية.
 
يقول العسكريون بأن أفضل سلاح للحرب هو التهيؤ لها. ونحن في منطقتنا سيكون الملف اليمني وانتهاء ظاهرة الحوثي فرصة لإقامة يمن جديد سيتشكل أيضا بعد جهد، وينبغي على القيادات السياسية والعسكرية الآن رسم عدة سيناريوهات للوضع اليمني،
 
ومن ثم العراق الذي سيشهد فوضى عارمة ينتج عنها تلاشي وسقوط حكم ذيول إيران في ثورة شعبية من غير المستبعد أن تمر في نزاعات داخلية حتى تتطور إلى بروز قوة وطنية عروبية تحافظ على وحدة البلاد. أما لبنان فسيكون آخر ساحة لتصفية وجود حزب الله العسكري ومليشياته بفعل الضغط الإسرائيلي والفراغ الإيراني وبروز قوة المكون المسيحي. 
 
نحن أمام مرحلة جديدة هي من اخطر المراحل تتطلب التحسب وعقد جلسات مغلقة لرسم سياسات وسيناريوهات ما بعد حكم الولي الفقيه.
 
 
* كاتب وأكاديمي من العراق