المشهد اليمني بين الصراع وغياب القيم الوطنية

11:05 2022/12/31

المشهد اليمني الحالي في مجمله انعكاس جلي للمشهد السياسي المهترئ الممزق بين فرقاء الصراع. تضيع الحقيقة بين دهاليز التواءاته، وتتوه الأحداث في سراديب حساباته السياسية والمادية. قذفت الحرب في اليمن للسطح مراكز نفوذ وشخصيات ضمن توليفة الاستقطاب السياسي المرتهن لتصور ورؤية اللاعبين في مسرح تقاسم الأموال والمصالح. والمتأمل لمواقف متصدري مسرح الأحداث، يدرك الاستخفاف بالقضايا الوطنية وتوظيفها في أجندة الصراع مع الآخر.
 
أفرزت الحرب في اليمن حضورا طاغيا وسيطرة شبه كاملة لمراكز سلطوية أحكمت قبضتها على الفضاء السياسي، مستغلة منطق المحاصصة والتقاسم. في ظل هذا المناخ صعد للواجهة السياسية  طابور جديد من المسؤولين، بعضهم لا يملكون غير التوصيات والتزكيات. عدا ذلك من مؤهلات المسؤولية كالنزاهة والكفاءة يعد فضلة.
 
هناك سباق محموم بين الفرقاء المتقاسمين السلطة على تدجين الوعي الجماهيري واستقطابه في مضمار الخلاف والصراع مع الغير، وتعميق الانقسام في أوساط المجتمع بتبني خطاب سياسي أحادي الاتجاه يهدف لتوجيه الجماهير وفقا لمحددات سياسية تخدم فرقاء الصراع في صراعهم البيني. ولذلك، نجد أحيانا أن قضية هامشية يقيمون الدنيا ويقعدونها من أجلها، بينما قضايا كبرى تهمل ولم تعر أي اهتمام؛ لانعدام تحقق مكاسب سياسية، أو لضآلة فرص استهداف الخصم وتشويه سمعته من خلالها.
 
نحن أمام مشهد يمني يتنكر للمصالح الوطنية وللقيم السياسية السامية لا ينتصر للحقائق، ولا يتناول الأحداث أو يتخذ موقفا منها بحيادية تامة، دون اجتزاء أو تشويش أو تدليس أو توظيف لها في حسابات أو لعب الأوراق مع الخصوم، ما جعل البوصلة تنحرف تجاه صراع داخلي بدد الطاقات في خلافات عبثية أوجدت فراغات في الساحة الوطنية، ملأتها قوى ومراكز نفوذ باتت كوابح تعوق تطلعات اليمنيين في الانتصار للدولة ومؤسساتها الوطنية.