Image

عامان على اغتيال المعارض لـ«حزب الله» لقمان سليم... لا عدالة ولا اتهامات

عامان مرا على اغتيال المفكر والباحث السياسي لقمان سليم، الذي كان معروفاً بمعارضته لـ«حزب الله»، من غير أن يصدر أي قرار اتهامي من القضاء اللبناني في بلد بات فيه الإفلات من العقاب جزءاً من المشهد العام، حسبما تقول شقيقته الناشرة رشا الأمير، كما حال هي الحال في العراق وسوريا وغيرهما، لتخلص إلى أن المنطقة «لا تُبنى فيها مؤسسات»، وباتت متروكة لتلك «البربرية».

وكان لقمان سليم من أبرز الأصوات التي تنتقد «حزب الله» في لبنان، وعُثر على جثته في سيارته بعد اغتياله بست رصاصات في 3 فبراير (شباط) 2021 في منطقة العدوسية في جنوب لبنان، بعد زيارة كان يقوم بها إلى صديق له في تلك المنطقة. وأنجزت السلطات اللبنانية تحقيقاتها، لكن «لم يصدر عن القضاء اللبناني قصاصة ورق»، حسبما تقول مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، وذلك بعد عامين على اغتياله.

وتحيي عائلة سليم وأصدقاؤه ومؤسساته، اليوم الجمعة، الذكرى السنوية الثانية لاغتياله ضمن فعاليات تُقام على مدار ثلاثة أيام مصحوبة بنشاطات وطنية وثقافية من وحي هذه المناسبة، تحت شعار «العدالة ولو سقطت السّماوات». ويتحدث أفراد من عائلته ودبلوماسيون وأصدقاء في اليوم الأول في الاحتفال الذي يُقام في دارته في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتوزع خلالها أربع جوائز تحمل اسمه، تماماً مثل العام الماضي، تليها زيارة مؤسّسات لقمان: «دار الجديد»، و«أمم للتوثيق والأبحاث»، و«الهنغار»، و«هيا بنا»، و«مؤسسة لقمان سليم». وتستضيف «خيمة لقمان» التي تقع قرب المرفأ، السبت والأحد، لقاءات فكرية وسياسية.

تتحدث شقيقته رشا الأمير بحسرة عن مآل المشهد القضائي في البلاد، لكنها مصرّة على أن العدالة ستأتي. طوال الأشهر الماضية، ورغم الإضرابات القضائية: «كان القاضي شربل أبو سمرا الموكل بالملف يحضر إلى مكتبه، ونراه بشكل شهري»، وتؤكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القاضي «شجاع»، و«لم يتوانَ عن القضية»، لكن القضاء في لبنان «محكوم بعشرات الخطوط الحمر»، مستعرضة عشرات عمليات الاغتيال السياسي في لبنان خلال العقود الماضية، ولم يتوصل القضاء في نتائجه إلا لـ3 منها (اغتيال كامل مروة في الستينات، والرئيس بشير الجميل في الثمانينات، والرئيس رفيق الحريري في 2005). ورغم ذلك «بقي الجناة خارج القضبان»، بسبب «الخطوط الحمر»، فيما يتزايد «الإفلات من العقاب» في ظل «العفو العام» الذي تصدره القوى السياسية اللبنانية، بينها العفو العام عن جرائم الحرب اللبنانية، والاقتراحات المتوقعة ليفلت مرتكبو الفساد والجرائم المالية أخيراً، من العقاب.

لدى الأجهزة انتهت التحقيقات التي نفذتها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ومديرية المخابرات في الجيش. وفيما لم تُعلن أي نتيجة، أصدرت «مؤسسة دار الجديد» كتيباً أعدته الصحافية ماري جو صادرا بالتعاون مع جريدة «لوريان لوجور» التي تصدر باللغة الفرنسية، في الذكرى الثانية لاغتيال سليم، تحدثت فيه عن كيفية اغتياله، وتشير في الكتيب الذي سيوزع يوم الجمعة المقبل، إلى أنه غادر منزل صديقه في الجنوب في الثامنة والنصف مساء، وبعد دقائق اعترضت سيارتان سيارته، وتم نقله إلى إحدى سيارات القتلة، فيما قاد أحد القتلة سيارته. وتوجه موكب السيارات إلى العدوسية، قبل أن يعاد نقله إلى سيارته ويُقتل بست رصاصات من عيار 7.65 ملم.

وبينما تُنشر التفاصيل باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، لم يصدر أي قرار اتهامي من القضاء «لأن القضاء لا يريد أن يرى القتلة، ولا أعتقد أنه سيطلبهم كي لا يعرض نفسه للخطر»، حسبما تقول رشا الأمير التي تؤكد أن «اللعبة باتت مكشوفة جداً، بالمظهر هناك قضاء وبرلمان، لكن بالمضمون لا يوجد شيء من ذلك». وتضيف «الملف موجود، وهناك تعتيم مثل سائر الملفات الأخرى، ومن بينها ملف انفجار المرفأ»، وتربط إصدار القضاء الاتهامي بوجود شجاعة قضائية، مشيرة إلى أن إيجاد الشجاعة «هي حالة قيمية».