Image

المراكز الصيفية الحوثية.. جماعة حشاشين جدد لمستقبل بلا ملامح

على الجميع أن يعي مدى خطورة مثل هذه المراكز الصيفية في المنظور القريب وليس حتى البعيد. على الجميع أن يدركوا أن هذا الاهتمام من قبل عصابة الحوثي الإرهابية بإقامة مثل هكذا مراكز، فإنها بذلك إنما تسعى إلى تدجين الأجيال بالطاعة العمياء لها، وفي نفس الوقت تلغيمهم بلغة الموت في سبيل إدامة مشروعها والاستعداد للتضحية بكل شيء في سبيل ذلك. 
 
لا يستخفن أحد بما يمكن لهذه المراكز أن تحدثه من كوارث مستقبلية، حين يتحول أفرادها إلى قنابل موقوتة لن يقف في وجهها شيء. هؤلاء يخضعون لبرامج مكثفة معدة مسبقا، وبطريقة تراعي وتوافق الجانب النفسي لتلك الأعمار، وما الذي يمكن أن يؤثر عليهم ويسلبهم إرادتهم، بحيث يصبح توجيههم ليس ممكنا إلا من قبل الجماعة نفسها عبر ريموت كنترول توجههم من خلاله إلى ما تشاء. 
 
ليست المسألة غسيل دماغ بقدر ما هي سلب إرادة وإيمان مطلق بفكرة معينة، وبقدر ما هي أن ينظروا لزعيم المليشيا وقادتها على أن توجيهاتهم لم تعد سوى توجيهات من الله. 
 
مازال العالم إلى الآن يرتعب من جماعة الحشاشين التي نشأت في أواخر القرن الخامس الهجري واستمرت حتى القرن السابع. 
 
كانت جماعة عقدية على نفس المنوال، آمنت بفكرة وهمية وأخلصت لها إلى درجة غير متخيلة، أي إلى الدرجة التي يوجه حسن الصباح أفرادها للقفز من أعلى شاهق في قلعة آلموت، التي اتخذوها مقرا لهم، وهي عبارة عن حصن جبلي في جبال الديلم بقزوين، فيقفزون منتحرين دون تردد. 
 
هذه الجماعة أداخت الدولة العباسية طيلة عقود، ونفذت عمليات إرهابية تناولتها كتب التاريخ بشيء من الوجل والخوف والرهبة إلى الآن، وذلك لما كان عليه أولئك الحشاشون من حالة تنظيمية غاية في الدقة ومن ولاء مطلق لأئمتهم الإسماعيليين النزاريين. 
 
بل حتى عندما يأتي إليهم رسول من الخليفة العباسي للتفاوض معهم، يكون جواب حسن الصباح بأن أمر عددا من جنوده بالقفز من أعلى شاهق في الجبل. تلك كانت هي رسالته أو جوابه. وعندما يخوض القارئ في تفاصيل تاريخ تلك الجماعة يجد الأمر نفسه يتبع الآن مع عصابة الحوثي الإرهابية: تلقين المنخرطين في الجماعة في سن معين بمجموعة من الأفكار يؤمنون بها إيمانا مطلقا، وسلب إرادتهم تماما. 
 
هذا ما يجب أن يعيه اليمنيون ويدركوه جيدا، بأن يحرصوا على الحفاظ على أبنائهم ولا يتركوا هذه العصابة الإجرامية تفتك بمستقبلهم وتكون منهم جماعة حشاشين جدد لمستقبل بلا ملامح.
 
ورغم أن المليشيا تستهدف الطلاب في مختلف المراحل الدراسية طيلة العام، إلا أنها تعد الإجازة الصيفية موسماً وفرصة أخرى للاستفراد بالصغار، في المراكز التي تكون مغلقة، كما تتعدد فيها الأنشطة كالرحلات والمهرجانات والزيارات، والتي تحولها إلى مناشط للتأثير على أدمغة الأطفال والعمل على تجنيدهم، للزج بهم في جبهات القتال المختلفة.
 
وكانت المليشيات الحوثية قد أعلنت، العام الماضي، عن وصول عدد الطلاب الملتحقين بالمراكز الصيفية إلى ما يقارب ثلاثة أرباع مليون طالب وطالبة، في 9016 مدرسة، وبلغ عدد العاملين فيها أكثر من 42 ألف عامل وعاملة، وجرى فيها تنفيذ مليون وربع المليون نشاط، ضمن أكثر من 8800 نشاط، بينها 185 دورة مغلقة.
 
وتحظى المراكز الصيفية باهتمام من أعلى هرم المليشيات الحوثية، ومع كل موسم لهذه المراكز تنشر وسائل الإعلام الحوثية أخباراً عن اهتمام عبد الملك الحوثي زعيم الارهاب بالمراكز الصيفية، ومتابعة سير الأنشطة فيها، وإصدار التوجيهات بتكثيفها، وإلقاء خطابات موجهة للمشاركين فيها لتحفيزهم على التفاعل مع ما يقدم لهم فيها من دروس وتعاليم.