القانون والفوضى: هل يمكن إعادة بناء سيادة القانون؟

06:37 2023/08/26

في تعز، ظهر شبح مؤلم يهدد نسيج العدالة والأخلاق والحقوق الأساسية لمواطنيها. ومن المؤسف أن الوضع تصاعد إلى حالة لا تطاق، حيث تحولت قوات الأمن والشرطة المكلفة بحفظ القانون والنظام إلى إرهاصات للفوضى والخراب. ويتسم هذا التحول المضطرب بسلسلة من التجاوزات التي تركت المواطنين يترنحون والمجتمع مذعورًا..

و قد ألقت الاعتقالات العشوائية مؤخرًا بظلالها المشؤومة على الحياة اليومية لسكان تعز، مما جعل الحرية فكرة متقلبة والخوف من الاعتقال رفيقًا دائمًا.
إن النساء والأطفال وهم أضعف أفراد المجتمع يجدون أنفسهم الآن يتعاونون ليس فقط في مواجهة التهديدات الخارجية، ولكن أيضًا مع أولئك الذين أقسموا على حمايتهم..

إن انتهاك القوانين والدساتير والمعاهدات الدولية، والتي تهدف إلى الحفاظ على قدسية القانون و حقوق الإنسان هو بمثابة شهادة على التجاهل الذي ترسخ داخل هذه المؤسسات التي كانت تحظى بالاحترام في السابق.
وتنبثق من الظل رواية مثيرة للقلق. فالأوصياء على العدالة المكلفون بدعم سيادة القانون اختاروا تخريبها.

إن توجيهات السلطات القضائية التي تهدف إلى توجيه مسار العدالة، أصبحت غير ذات أهمية حيث تشق هذه الجهات الأمنية طريقها عبر متاهة أجندتها الخاصة .

إن العمل الشنيع المتمثل في إخفاء المعتقلين(17شخص من ابناء عزلة شرجب) وحرمانهم من التمثيل القانوني، وخنق حقوقهم المنصوص عليها دستوريًا، يرسم لوحة *قاتمة من الانحلال المنهجي الذي وصلوا اليه.

و في مجتمع عادل ومنظم تقع مسؤولية تصحيح هذه الأخطاء بشكل مباشر على عاتق قيادة الدولة. إن تدخلهم ليس مجرد مسألة مساءلة فقط ، بل إنها دعوة لإعادة التوازن الذي تم طمسه، ويتوقف جوهر الحكم على هذه اللحظة المحورية  لتحديد ما إذا كان من يملكون السلطة قادرون على تجاوز تجاوزاتهم، وتمهيد الطريق لإصلاح حقيقي.

و من الأمور المركزية في هذا الوضع هو المفهوم القائل بأنه (لا أحد فوق القانون)،و حتى أولئك المكلفون بإنفاذه يجب أن يخضعوا هم أنفسهم لنظرته التي لا تتزعزع ، ولا يمكن قطع العلاقة التكافلية *بين إنفاذ القانون والقانون نفسه; لأن مصداقية النظام تعتمد على نزاهة القائمين على إنفاذه,. ولا يمكن للبوصلة الأخلاقية لأي مجتمع أن تجد اتجاهها الصحيح, إلا عندما يدعم الأفراد الذين يمثلون سلطته هذه القيم ولا يقوضونها.

و في نداء واضح يتردد صداه في أروقة العدالة التي تم اهدارها.
فمن الضروري أن تستجيب السلطات العليا بتصميم لا يتزعزع، فلقد مضى زمن الغموض منذ زمن طويل،و الساعة تدعو إلى إتخاذ قرار حاسم.

و يجب تنفيذ تدابير أكثر صرامة،; لتكون حصناً هائلًا *ضد إساءة استخدام السلطة المتفشية التي ابتليت بها محافظة تعز .
و لن يتمكن المواطنين من استعادة ثقتهم في المؤسسات التي تعثرت، إلا من خلال محاسبة المسؤولين عن هذة المخالفات.

إن الوضع المؤسف في محافظة تعز يستدعي تدخل الضمير، و التأكيد على القيم التي يقوم عليها المجتمع. إنه تذكير صارخ بأن السلطة ليست تفويضًا مطلقًا للتصرف مع الإفلات من العقاب. إنه واجب مقدس أن نخدم بشرف ونزاهة. 
وإذ يتوق المواطنون إلى الهدوء والعدالة فإنهم يطالبون بحزم المسؤولين أن يستجيبوا لصرخاتهم. 
إن طريق الخلاص يتطلب الخروج من أعماق هذا الانحطاط الأخلاقي والعودة إلى الطموحات السامية التي تقود نحو أفق أكثر إشراقًا.