الحلول السياسية في اليمن تضارب الرؤى واحتمالات النجاح والفشل

08:21 2024/01/22

لا يزال الساسة واللاعبون الإقليميون والدوليون ، يتحدثون عن ضرورة إيجاد حل سياسي ، ينهي الحرب الدائرة في اليمن ، تتمسك به وتدعو إليه الأمم المتحدة والدول الكبرى ؛ للتغطية على مواقفها ، الرافضة لاتخاذ إجراءات حاسمة ، ضد الانقلاب في اليمن ، الذي اختطف الدولة ومؤسساتها ، وعلى معارضتها القيام بأي عمل جاد ، ينقذ الشعب اليمني.

ولقد حاول اليمنيون أن يجعلوا لغة السياسة والحوار ، هي الطريق الوحيد لحل مشاكلهم ، لكن الحوثيين ، أصروا  على جرهم لمربع القتل والدمار ، ولم يكتفوا بذلك بل أدخلوا اليمن في مسرح الصراعات الإقليمية ؛ ليصبح مسار الحل السياسي غاية في التعقيد ، يتجاوز تطلعات وإرادة اليمنيين ، ويحتاج لمستوى كبير من التوافق الإقليمي والدولي ، غير متوفر حتى الآن ، ولعوامل أو مقدمات في الداخل اليمني ، تساهم في التأسيس لحل سياسي ، يحافظ على ما تبقى من اليمن كيانًا وإنسانًا ومقدرات .

هناك توجه لدى أطراف دولية فاعلة ، لتطويع مواقف الشرعية ، وفرض ما يمكن اعتباره حلًا سياسيًا توافقيًا ، لا يخلو من تقديم تنازلات لمليشيات الانقلاب الحوثية  ، كما أنها تؤخر حسم الحرب ، وتديرها بعدد النقاط لا الضربة القاضية ، غير آبهة بما ينجم عنها من آلام وضحايا ودمار ، وتصوراتها عن الحل السياسي ، يتطابق تمامًا مع تصور المليشيات الانقلابية ، الذي ينطلق من ذهنية الباحث عن النجاة من المأزق ، أو الساعي لفرض شروط الهزيمة على الشرعية  ، أو الرامي استمرار بقائه ، مقابل قبوله إشراك الشرعية ، في أي سلطة انتقالية ، يقترح تشكليها . تصر مليشيات الحوثيين ، على رفض أي حل سياسي ، من شأنه أن يغير أو يفكفك الوضع الذي وصلت إليه ؛  لأن ذلك سيقود لنهايتها ، وهذا ما جعلها تماطل وترفض القبول بأي اتفاق  يستند لمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم 2216 .

يجري البحث عن مقاربة توجد صيغة لحل يحوز على رضا اللاعبين الدوليين في المشهد اليمني ، إذ أنه يجري البحث عن اتفاق يضمن بقاء أدوات الانقلاب في المرحلة القادمة ،  والتخلص من كبار الشخصيات الوطنية ، وإعاقة أي جهود ستبذل لتحقيق الأمن والاستقرار وإعادة الإعمار ، كما ستنتشر فيها الاغتيالات ، التي ستقيد ضد مجهول ، كل ذلك بهدف لخلط الأوراق ، والتهيئة والإعداد  لتفتيت أو إزاحة القوى الوطنية السياسية أو العسكرية ، التي كان لها الدور البارز في مقاومة المليشيات الانقلابية لتستبدل بقوى أخرى  يراها اللاعب الدولي والإقليمي أنها الملائمة لتوجهاته وأهدافه .

بات وقف نزيف الدم اليمني عبر مبادرات أو حلول سياسية بعيد المنال ، إن لم يكن ضربًا من المستحيل ، فالمليشيات تعتقد أن معركتها مع القوى المناهضة لها معركة مصيرية تقتضي فناء الآخر ، وأن ما تحققه على الأرض يحسن من وضعها التفاوضي ، وأن أي حوار أو تفاوض ينبغي أن يسفر عن إجراءات لا تتصادم مع أجندتها ، أو على الأقل لا تنال من المكاسب التي حققتها .

وفي المقابل، نجد أن السلطة  الشرعية  متمسكة بالمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية كمرجعية لأي حلول سياسية تنهي الحرب ، وهذا في نظر الحوثيين بمثابة استسلام وعودة لنقطة الصفر ، وهذا يضعنا أمام وضع يحمل رؤيتين للحل السياسي ، تقفان على طرفي نقيض ، يمكن أن يدفع أطرافا دولية للضغط باتجاه حلول  وسطية  تقف في منتصف الطريق ، بين رؤية السلطة الشرعية ورؤية الانقلابيين ، وتقدم معالجات مجزوءة وناقصة ، لا معنى لها غير مضاعفة شروط استمرار الصراع ، وتجديد إنتاجه دوريا ، وهو ما يتفق مع سياسات الحوثيين وحليفتهم إيران ، الراعي الرسمي للحوثيين ، والتي تأبى أي حلول سياسية ، تعمل على رأب الصدع ، وتضع حدًا لقتال اليمنيين بعضهم لبعض ، وتحافظ على وحدة اليمن أرضًا وإنسانًا ، وريثما نصل لهكذا حلول ، نحتاج لتوفير مبرراتها ، وتهيئة مناخها ، وهذا ماليس متاحا في اللحظة الراهنة ، أو الأفق المنظور .