قرب جثمان مسجّى لشهيد الحديدة.. أُُمْنيَة مصطفى الأخيرة

02:39 2018/11/09

عند بوابة المستشفى قلت لحسين، شقيقه ورفيقه في السلاح والجندية بجبهة الساحل الغربي في قوات حراس الجمهورية، هل أعزيك أم أوصيك: ابق الآن إلى جوار أمك، فهي مكلومة وتحتاج إليك في هذه الساعات. فقال: دعوني أعُد إلى الجبهة، مكاني هناك مع أخي وحلمه بتحرير الحديدة.

لف الجسد الطاهر لمصطفى بجراحه ودمائه ووجهه المغبر بتربة الشارع الذي سكب فيه دمه بشظية صاروخ حوثي، شارع صنعاء مدخل مدينة الحديدة يوم 3 نوفمبر 2018. ساعتها جاء نعي استشهاد الخوداني الابن، وبينما نتردد في النشر قِيل إنه أخلي مصاباً بإصابات بليغة. بقي بعض نبض لا غير في قلب جسور ومقاوم، بينما نزف مصطفى بغزارة طوال أكثر من 12 ساعة من إصابتين بليغتين في الرأس والبطن. ولأيام لاحقة بقي النبض الوئيد خيط حياة يربط بين حياتين ماضية وآتية حتى ارتقى مسلماً روحه اليوم الخميس 8 نوفمبر.

بينما أخطو نحوه أقبل الخوداني الأب عليَّ فارداً ذراعيه باسطاً أساريره وكأنني المحزون بمصاب الفقد وليس هو، ورحب "أهلاً يا حبيب... الحمد لله على كل شيء"، وأعفاني من اختراع جملة مفيدة على سبيل التعزية.

قبل أيام على إطلاق عملية تحرير الحديدة نشر كامل الخوداني، الإعلامي والسياسي والقيادي المؤتمري، صورة جمعته بمصطفى في لقاء أخير هو الأول منذ أشهر على التحاقه وحسين بالجبهة.

بعده بأيام أعدت نشر الصورة عنه في صفحتي بالفيسبوك، ورويت حديثاً حميرياً معنعناً.. عن مصطفى إلى تبَّع حميري "أن الرجولة ما هيش كلام".

اليوم وعند بوابة المشفى الذي يسجّى بداخله جثمان مصطفى الشهيد ألحّ عليَّ فضول صحفي أن أسأل كامل بجملة قصيرة "ما الذي تتذكره الآن من حديثك الأخير معه..؟"، ولم يتردد في الإجابة "أمنيته التي حدثني عنها قبل أن نتوادع، دخول الحديدة وتحريرها".

بكاميرا هاتف نصف ميت وقت بالصورة للخوداني الأب والابن حسين ولكامل مع صديقي الرائع "القردعي" أصغر أبناء كامل المتيمن اسماً بأكبر قرادعة الثورة ضد الكهنوت الإمامي.

تشكيلات متعاقبة من قوات العمالقة وحراس الجمهورية والكتائب التهامية زحفت نحو الحديدة، وفي نفس كل مقاتل أمنية مشابهة، وبعد أسبوع قضى مصطفى مطمئناً إلى وعد وعهد التحرير، ويمضي رفاقه في إنجاز الالتزام، ويتحرق الجنود الذين يعانون الإصابات للعودة سريعاً بجراحاتهم إلى حيث يجدون أنفسهم في عافية كما يجب.. في الجبهة وخطوط التماس المتقدمة بمدينة تتحرر يوماً بيوم.

قدّمت مناطق وبلدات ومحليات إب كتائب مقاتلين وجماجم محاربين تحت راية الجمهورية وحراسها. عهد التحرير دين في الرقاب، للبلاد وللشهداء... ولمصطفى الخوداني. المحارب الأسمر الذي أروي عنه اليوم معمدة بدمه "أن الرجولة ما هيش كلام". لروحه السلام.

 تحرير_الحديدة

الحديدة_تتحرر