جامعة صنعاء مقبرة سلالية تكتسيها صور الموتى!

10:45 2019/01/26

 
 
أتممت الدراسة الابتدائية في تعز وحزت فيها الأول على المدرسة في الشهادة الابتدائية العامة ثم انتقلت إلى مدرسة الشعب فمدرسة باكثير، ثم الشعب مرة أخرى ثم ثانوية تعز الكبرى النموذجية، وبداخلي طموح يفوق عمري وعقلي وعلومي التي درستها أن التحق للدراسة بجامعة صنعاء لإتمام البكالوريوس بعد الانتهاء من الثانوية العامة...
 
تلك الجامعة التي التحق فيها أبي للدراسة فيها الوحيد من منطقتنا في تعز ومعه عمي..
 
رغم أنه لم ينه دراسته بعد، كنت أرى أبي يصل من صنعاء إلينا وهو يحتضن كتبا ضخمة كبيرة الحجم للقانون التجاري او البحري او قانون الجنايات التابع لمنهج كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء، واتلهف شوقا لاكمال الدراسة والالتحاق بهذه الجامعة العملاقة الأولى في اليمن..
 
كان بعض أصدقاء ابي يدعونني ب"ابن المحامي" وكنت أشعر بالفخر الكبير بهذا اللقب الذي صنعه العلم لابي ويزيد الحافز لدي رغبة للدراسة بجامعة صنعاء الاسطورة التي لم ارها في حياتي سوى من صور سريعة على التلفاز او في الجرائد او من تغطيات الفعاليات الثقافية للجامعة في "مجلة العربي" الكويتية..
 
مر الوقت سريعا والتحقت بالجامعة التي طالما احببتها وتشوقت للدراسة فيها كثيرا، عرفتها كلية كلية، مررت بكل مبانيها، لمست كل جدار منها كأنها بيتي، عامان فقط من دراستي فيها حتى صرت على تواصل مع الدكتور ناصر العولقي رئيس الجامعة حينها وعلى علاقة مباشرة بالدكتور خالد طميم نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، وصرت احضر معظم الفعاليات العلمية والانشطة الطلابية في الجامعة تقريبا ولي ذكريات خاصة مع قيادة الاتحاد مسعود والعصيمي..
 
تخرجت من الجامعة وبقيت على تواصل مباشر مع رئيس الجامعة حينها الفقيد صالح باصرة الذي قربني منه ووظفني بالتعاقد في مكتبه، إلى ان تم تعيينه وزيرا، اتى الدكتور طميم وجدد لي العقد لمواصلة العمل في مكتب رئيس الجامعة..
 
وخلال عملي في جامعة صنعاء احببتها واحببتني اتيتها كاليتيم الذي بدون ام فاحتضنتني ومنحت منها البكالوريوس ومنها انطلقت علاقاتي ومنها توظفت..
 
شهدتُ في جامعة صنعاء مشاريع كبرى وكتبت وغطيت اعلاميا للالاف من الفعاليات العلمية والثقافية والمشاريع والخطط والاستراتيجيات..
 
تعرفت في جامعة صنعاء على بروفيسورات واساتذة عباقرة في تخصصاتهم العلمية، وجدتهم شعلة من الذكاء والنشاط..
 
ورغم اني عرفت الكثير في جامعة صنعاء من الاحباطات والروتين والفساد المالي والاداري.. لكن لم اكن اتوقع ان تصل جامعة صنعاء إلى ما وصلت اليه اليوم، من ضرب للعلم والتعليم في الصميم ازاء عسكره الحياة العلمية، وتغيير مناهج الثقافة الاسلامية، وحوثنة الوظيفة العامة في الجامعة، وهوشمة الحياة الاكاديمية ككل في الجامعة، وبث الرعب بين الطلاب والطالبات ازاء دس جواسيس ينتمون للسلالة بين اوساطهم تأتي طقومات الحوثيين مباشرة لاختطاف اي طالب او طالبة بمجرد الابلاغ به بل والاكثر كارثية ان الحوثيين يختطفون مدرسا جامعيا ان ابلغ به احد جواسيسهم السلالية المحسوبين على الطلاب او الموظفين في الجامعة حتى وان كان عميد كلية فالامر لايهم لديهم..
 
 
فقدت جامعة صنعاء خلال اربع سنوات من الحرب الالاف من طلابها وقودا للدفاع عن السلالة من خيرة ابناء اليمن وفي تخصصات مختلفة..
 
في وقت يجري تحويل قاعات ومبان خاصة بالجامعة إلى مخازن سلاح وثكنات، تقوم الجماعة بالاحتيال والتدليس لقبول المحسوبين على سلالتها للاتحاق بتخصصات الطب والهندسة والتربية رغم عدم خضوعهم لمعايير وشروط القبول وعدم اجتيازهم امتحانات القبول..
 
وينظم الحوثيون في الجامعة باشراف رئاسة الجامعة مؤتمرات تسمى علمية، وهي دينية طائفية لا علاقة لها بالعلم والعلوم مطلقا..
 
كما تجري بين اوساط الطلاب والطالبات استقطابات كبيرة للزج بشباب الجامعة إلى الجبهات، ومحاسبة كل من يخالف ذلك..
 
حتى الان تم فصل معظم ان لم يكن كل منتسبي الجامعة من كبار البروفيسورات والاكاديميين العباقرة واستبدال مشرفين من السلالة بدلهم علنا، يقوم الحوثيون بالتهام حسابات النظام الموازي باسم فعاليات "المولد النبي، يوم الولاية، عيد الغدير" وفعاليات طائفية اخرى...
 
جامعة صنعاء الآن اشبه ما يتم تحويلها حاليا إلى كهف مظلم ومقبرة حوثية يكتسيها الفساد والطائفية واللون الاخضر وصور الموتى، وتقارير الحرس الثوري الحوثي بين اوساط الطلاب..
 
كل هذه الممارسات لم تكن خفية عن العالم الذي يرقب المشهد التعليمي الجامعي في اليمن بأسى، وبموجب ذلك تم اسقاط اسم اليمن من قائمة التقييم العلمي الجامعي السنوي في العالم من معهد شانجهاي الدولي الذي بموجبه يتم تحديد المرتبات العلمية لكل الدول سنويا في المستوى الجامعي رغم ان اليمن تأتي آخر الدول في العالم في التقييم إلا أن الكارثة المؤلمة هي إسقاط اليمن من التقييم نهائيا بسبب العبث الحوثي..