Image

كل طرق الموت تؤدي إلى الجحيم وتعز وحدها من تدفع فاتورة الحصار

كل الطرق تؤدي إلى الجحيم، ووحدها تعز من تدفع فاتورة الحصار الجاثم عليها وعلى أبنائها منذ عام 2015، حينما أغلقت مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، المنافذ أمام تنقل المواطنين وقضمت أوصال الطرقات التي تربط المحافظة بالمحافظات الأخرى.

"المنتصف" سلطت الضوء حول هذه المأساة التي تؤرق أبناء تعز، وكانت البداية مع رئيس لجنة تفاوض فتح الطرق التابعة للحكوم، عبدالكريم شيبان، حيث قال إن لجنة تفاوض فتح الطرق حددت لجماعة الحوثي عددا من المنافذ التي يتوجب فتحها، وهي: خط سوفتيل - جولة القصر - صالة - الجحملية. أو طريق جولة سوفتيل  - جولة القصر - حوض الأشراف،

إلى جانب طريق مفرق الذكرة - خط الستين ثم إلى مصنع السمن والصابون فالمطار القديم، وصولاً إلى بير باشا من أجل دخول الناقلات الكبيرة والبضائع إلى مدينة تعز.

وأضاف شمسان: "ومع ذلك لم يتم فتح أي منفذ، ما انعكس سلبا على المواطنين الذين يتنقلون من محافظة إلى أخرى".

بدوره، قال محمد علي أحمد، أحد المسافرين إلى صنعاء عبر القبيطة،

إن السفر صار قطعة من نار، مشيرا إلى أن المسافرين وحدهم من يتكبدون عناء السفر  في طريق محفوف بالمخاطر أثناء التنقل ما بين محافظة وأخرى، إضافة إلى حوادث السير المروعة التي تحدث بين فترة واخرى وتؤدي إلى ازهاق الأرواح وإلحاق الخسائر المادية بالمركبات.

وأضاف: "لقد أدى الحصار إلى جعل التنقل من تعز المدينة إلى تعز المحاصرة أشبه بمغامرة غير محمودة المخاطر، فالتوجه نحو الحديدة أو صنعاء أصبح عبر طريق طويل، والمسافة التي كانت تقطع بساعات أصبحت تقطع في ظل السيطرة المليشاواتية أياما وليالي بينما لا يحتاج الامر إلا لفتح منفذ الحوبان الذي يجعل المسافر يولي وجهه عن طرق الموت في الأقروض وسامع ويتخذه مسارا له".

ويردف: "أصبح السفر مغامرة موت الخارج منها مولود والمسافر عبرها مفقود؛ حيث تكثر حوادت السير ووقوف المركبات نتيجة انقلاب قاطرة أو انزلاق صخور، خصوصا في فصل الصيف نتيجة الأمطار، فيما يترك الطريق دون صيانة عدا المبادرات الاهلية التي تحدث من حين لآخر وتفتح الطريق أمام المسافرين".

 عماد العزعزي، صاحب باص هايس، يوضح قائلا: هناك طريقان فرعيان يربطان مدينة تعز بالمناطق غير المحررة، أحدهما يمر عبر منطقة "الأقروض" في جبل صبر،  وآخر عبر جبل حبشي غرب المدينة، لكنهما طريقان ضيقان ووعران،

والسير فيهما مخاطرة ويحتاج إلى ساعات طوال وتكلفة مالية مرتفعة خلافا للطرق السابقة في مناطق "الحوبان والستين" شمال وشرق المدينة التي يغلقها الحوثيون.

وعن مبادرات فتح المنافذ ومن الذي يقوم بعرقلتها، يؤكد الناشط الحقوقي محمد جمال أن "الحوثي يقوم بين فترة وأخرى بإعلانه الموافقة على مبادرة فتح المنافذ كنوع من استعراض العضلات ليقول أنا من أخنق تعز، ثم قبل لحظات من التنفيذ في مسح طريق الحوبان من الألغام والاكوام الترابية والقمامات، يتراجع ويعيد الجميع إلى نقطة الصفر".

ويوق جابر أحمد: ليس الحوثي دائما هو من يعيق رفع الحصار عن تعز بفتح منفذ الحوبان، بل هناك أصحاب المصالح ممن يسمون أنفسهم مقاومة محسوبة على حزب الاصلاح، هم أيضا يلعبون دورا في وأد أي مبادرة.

ويتابع: "كلنا يتذكر كيف قتلت مبادرة شوقي أحمد هائل حينما توجه البرلماني عبد الكريم شيبان مع مجموعة من المواطنين سيرا على الأقدام في اتجاه الحوبان لفتح المنفذ المتفق عليه دون أي تنسيق مع الطرف الآخر فأدى ذلك إلى قيام مسلحي الحوثي بفتح النار لمنعهم من العبور وكان هذا مبررا للحوثي  بالتنصل عن المبادرة، لتبدأ مبادرة أخرى وهكذا".

عبد السلام المعمري بدوره يؤكد أن نقاط العبور المغلقة أصبحت تدر أموالا طائلة للنقاط العسكرية والأمنية في منطقة الحصار؛ حيث يسمح بمرور دراجات نارية لنقل المواطنين من شارع الستين إلى الحوبان والعكس مقابل دفع حوالي 20 ألف ريال تتقاسمه النقطتان معا، إضافة إلى أن النقاط الأخرى المسموح بها تحولت إلى مصدر للتكسب، وهذا ما يحول دون فتح أي منفذ لابناء تعز

وردا على اتهام للسلطة المحلية بأنها تقف عائقا لفك الحصار، كتب نبيل شمسان، محافظ تعز، تغريدة على "تويتر" قال فيها: "متى أعلن الحوثيون بشكل رسمي وقاموا بفتح المعابر من قبلهم فإن المعابر من جانبنا ستكون جاهزة لأننا لسنا من يغلق المعابر".

 وكان تقرير أممي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف وصف حصار تعز كونها "جريمة حرب وعقاباً جماعياً وانتهاكاً متعدد الأوجه لحقوق الإنسان"، فيما طالبت منظمة "رايتس رادار" لحقوق الإنسان برفع الحصار الحوثي عن تعز، مشيرة في بيان لها، قبل أيام، إلى إن المدينة تعيش في معاناة مستمرة لا تنتهي، جراء الحصار الخانق.

وحثت المنظمة مليشيات الحوثي على الوفاء بوعودها والتزاماتها تجاه المدنيين، كما طالبت مجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي ببذل المزيد من الجهود لوضع حد لمعاناة المدنيين في تعز.

لكن رغم كل هذه الدعوات مازال الحوثي يتعنت ويرفض فتح المعابر، ورغم نجاح أصحاب النقل البري في إيجاد شرايين طرق بديلة، فإن المواطن يشكو الارتفاع في تكاليف النقل  وانعكاس ذلك على أسعار السلع والخدمات الأساسية؛ الأمر الذي ضاعف من معاناتهم التي تضاف إلى قصص المعاناة الأخرى.