من هو العدوان الحقيقي؟

10:33 2022/03/12

سبع سنوات انقضت وأنا أذهب إلى مقر عملي الذي يبعد عن مسكني حوالي 24 كيلومترا، ولا أستلم من سلطة صنعاء أي أجر مالي يذكر سوى راتبين فقط في العام.
 واليوم، وبسبب أزمة المشتقات النفطية، وبسبب إنفاقي جميع مدخراتي المالية طوال هذه السنوات السبع العجاف، أجد نفسي عاجزا عن الذهاب إلى كليتي لإداء مهامي التعليمية في تدريس أبناء الشعب اليمني الصابر، فمن هو المذنب؟ ومن يدمر العملية التعليمية في بلادنا اليمن؟ ومن يمارس العدوان الحقيقي على المواطن اليمني؟
نعم، هذا هو حال الأستاذ الأكاديمي في زمن الحرب والقبح، وفي زمن الظلم والفساد الذي يسيطر على عقلية حكومة عدوان داخلي تهين المعلم والأكاديمي والموظف بشكل عام وتطلب منه العمل دون مرتب في نظام أقبح من نظام السخرة، فيما تقوم هذه الحكومة بكل قبح وظلم ووقاحة بصرف مرتبات وحوافز وزرائها ومسؤوليها وموظفي الجهات الإيرادية والهيئات الجابية كاملة دون نقصان أو انقطاع، بل وتعجز عن ضبط مواردها المالية من هذه الجهات والهيئات الإيرادية وحمايتها من شلل النهب والفساد والتبذير، وتعجز عن القيام بتوريدها إلى خزينة البنك المركزي ليتم صرفها كرواتب لجميع موظفي الدولة بالعدل والإنصاف، وإذا طالبنا بحقوقنا ومساواتنا بمن يتم الصرف لهم، يكون الرد الذي تعودنا عليه ومللنا من تكراره وسماعه؛ ألا وهو شماعة العدوان، وإما أن تذهب للعمل وإما الفصل والبديل موجود، وكأننا نعيش فترة إحلال وظيفي قبيح ترقى في توصيفها إلى مجزرة وظيفية مكتملة الأركان.
ألم أقل لكم أنه عدوان تفصول على ناس وناس!
فمن هو العدوان الحقيقي؟
نصحنا كثيرا وصبرنا أكثر وبما فيه الكفاية حتى عجزنا وأقعدنا الفقر، فإما أن تصرفوا رواتبنا وإما لا عمل. وهذا هو حقنا المشروع، وكل ما تتخذونه من اجراءات ضد من يرفض العمل بدون راتب هي إجراءات باطلة دستوريا وقانونيا، ويكفي ظلما وفسادا، فالراتب هو الحياة.