Image

تواصل فساد "الطاقة المشتراة".. عقود شركة "السعدي" تجاوزات حدود وبالمكشوف

30 ميجاوات فساد، تتسبب في استمرار معاناة سكان العاصمة المؤقتة عدن، مع دخول شهر رمضان المبارك؛ حيث أعلنت "محطة السعدي" المستأجرة لتوفير طاقة مشتراة، المطالبة بمستحقاتها المالية من الحكومة.
 
وتشكل الطاقة المشتراة من "السعدي"، البالغة 30 ميجاوات، ما نسبته 39 في المائة من حجم الطاقة المشتراة لتوفير الكهرباء لسكان عدن، في ظل استمرار مسلسل فساد الطاقة المشتراة التي تمارسها الحكومة منذ سنوات، خاصة وأن الشركة يمتلكها عبد المجيد السعدي، شقيق الوزير والقيادي البارز في حزب الإصلاح.
استهلت حكومة معين عبد الملك شهر رمضان بصفقة فساد جديدة في إطار "الطاقة المشتراة"، من خلال التعاقد مجددا مع سفينة أمريكية لتوفير 100 ميجاوات للعاصمة المؤقتة عدن، رغم اعتراضات من داخل وزارة الكهرباء والحكومة، والتي اعتبرت التوجه خارج القوانين النافذة؛ حيث سبق وتم الاعتراض على التعاقد مع شركة "بريزم Prism" قبل حوالى 4 أشهر، إذ تشوب شبهات فساد في العقود المبرة مع تلك الشركة، التي يبلغ سعر الكيلوات ساعة 4.25 سنت أمريكي، وهو سعر مرتفع عن بقية عقود شراء الطاقة التي تتراوح بين 2.20 سنت، و3.12 سنت.
سنتوقف عن فتح ملف الطاقة المشتراة من السفينة الحالية، حتى تصلنا تقييمات الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وسنفتح ملف محطة "السعدي" التي تنتمي لمجموعة الإخوان المسلمين المسيطرة على مفاصل حكومات هادي.
 
مخالفات عقد "السعدي"
 
ذكر تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، الذي حمل رقم (87) بتاريخ 14 أبريل 2020، بعنوان تقرير الجهاز بنتائج مراجعة عقد شراء الطاقة عبر مجموعة "السعدي" خلال الفترة من مايو 2017 وحتى أغسطس 2018، أن العقد حمل العديد من التجاوزات والمخالفات التي صاحبت عملية التعاقد وتنفيذ العقد، والتي ترتب عليها ضرر وإهدار للمال العام.
ومن المخالفات والتجاوزات التي ذكرها تقرير الجهاز، عدم قدرة المؤسسة على استيعاب الطاقة المشتراة من مجموعة السعدي، خلال الفترة المذكورة، مما ترتب عليه تحميل المؤسسة مبلغ (1.485.298) دولارا مقابل غرامات عدم سحب الحد الأدنى من الطاقة المشتراة في العقد المبرم مع الشركة.
وأشار التقرير إلى أن العقد مع شركة السعدي تزامن مع عقود أخرى، مع شركة الأهرام وباجرش، وتمديد تلك العقود بالأمر المباشر دون عمل مناقصات عامة؛ ما ترتب عليه الإضرار بالمال العام، وبالتالي تضخم الخسائر التي تحملتها الموازنة العامة والبالغة (3.590.115) دولارا.
وأوضح التقرير أن مبلغ (3.046.652) دولارا ذهبت نتيجة ارتفاع متوسط السعر في عقد مجموعة السعدي، والبالغ (0.038.306) دولارات للكيلووات، مقارنة بعقد شركة العليان والبالغ (0.0327) دولارا للكيلووات.
كما تم إهدار مبالغ (543.463) دولارا مقابل ارتفاع معدل استهلاك الوقود، في عقد شركة "السعدي" والبالغ (0.26) لتر ديزل للكيلووات، مقارنة بعقد شركة العليان البالغ (0.258) لتر ديزل للكيلو وات، فضلا عن أنه لم يقم المختصون بخصم غرامات عدم توفير الحد الأدنى على شركة السعدي والبالغة (330.113) دولارا بموجب العقد.
 
فساد على المكشوف 
 
ويواصل تقرير الجهاز الرقابي سرد المخالفات والتجاوزات التي تضمنها عقد شركة "السعدي"، ومنها: عدم استعادة مبلغ (596.453.135) ريالا يمنيا، مقابل غرامات اإافراط في استهلاك الوقود من قبل شركة "السعدي"، تحت مبرر أن تلك المبالغ سيتم تسويتها نهاية فترة التمديد للعقد خلال شهر سبتمبر 2018، وهو ما لم يتم على أرض الواقع.
ويضيف تقرير الجهاز أنه تم احتساب الكميات الموردة من وقود الديزل من واقع عدادات مجموعة السعدي، دون الأخذ بالاعتبار الكميات الواردة في فواتير شركة النفط؛ مما ترتب على ذلك وجود فارق بالنقص بمقدار (758.998) لتر ديزل، قيمته وفقا للأسعار العالمية (379.499) دولارا، لم يتم اتخاذ أي إجراءات بشأن ذلك من قبل المختصين بالمؤسسة وتحديدا المسؤولين، ما يؤكد أنها عملية فساد واضحة.
كما كشف التقرير عن إهدار مبلغ (615.645) دولارا مقابل المبالغ المسددة لشركتي السعدي وباجرش، بالزيادة عن قيمة الطاقة المشتراة والتي لم يتم استردادها، وهي قضية فساد أخرى لا لبس فيها.
 
وواصل السرد بأن المختصين لم يعملوا على خصم الضرائب المستحقة شركتي السعدي وباجرش، لنفس الفترة المذكورة، بمبلغ (2.593.804) دولارات من إجمالي المبالغ المدفوعة مقدما لتلك الشركات، فضلا عن عدم احتساب معامل القدرة ضمن المخالصات الشهرية لشركة السعدي، وكذا تضمينها بالغرامات المستحقة عليها عند تجاوزها لمعامل القدرة والمحدد بموجب العقد المبرم معها بـ(0.80) ما ترتب عليها آثار، منها: مخالفة أحكام المادة (8) الفقرة (6) من العقد المبرم مع تلك الشركة والتي تقضي بضرورة التزام الشركة بإنتاج الطاقة وفقا للمعامل السالفة الذكر، وتحميلها الغرامات عند تجاوزها.
كما تم حرمان الشركة من الحصول على أي تعويضات عند تجاوز الشركات لمعامل القدرة سالفة الذكر، مع ضآلة تلك التعويضات، مقارنة بما تتحمله الشركة من خسائر نتيجة الطاقة الردية، كما تم فتح المجال أمام الشركات الطاقة، وإنتاج طاقة متجاوزة لتلك المعامل، وبالتالي تضخم الخسائر التي تتكبدها المؤسسة، وفتح المجال أمام تلك الشركات التي تم التعاقد معها سابقا للمطالبة بما تم خصمه من غرامات نتيجة تلك المخالفة والمقدرة بـ 20 مليون دولار، أسوة بشركة السعدي المخالفة.
 
فساد متهالك 
 
ويفضح تقرير الجهاز المختصين الذين تعاقدوا مع "السعدي"؛ حيث يشير إلى أن الشركة لديها مولدات متهالكة تم شراؤها من شركة "اجريكو" التي كانوا متعاقدين معها في العام 2006، وانتهت صلاحيات المولدات التابعة لها، علما بأن تلك المولدات قد تم السماح لها بالدخول إلى اليمن تحت نظام الدخول المؤقت، والذي تم في العام 2006. وبعد مرور تلك السنوات تم إعادة التعاقد مع شركة تستخدم نفس المولدات، التي حرم إدخالها المؤقت واستمرار استخدامها خزينة الدولة مليارات الريالات وفقا للجهاز.
وذكر تقرير الجهاز أن المختصين ارتكبوا مخالفة من خلال صرف مستحقات شركة السعدي، بما في ذلك الضرائب مقدما بموجب حوالات دولية إلى حساب الشركة؛ ما يعد مخالفة لأحكام الفقرتين (1و2) من المادة (3) من العقد المبرم مع الشركة والتي تقضي في مجملها فتح اعتمادات مستندية بقيمة العقد.
وأفاد الجهاز، في تقريره، بأنه لم يتمكن من الوقوف على ما يؤكد قيام شركة السعدي بتقديم الضمانات التنفيذية لعدم موافاة الجهاز بأي وثائق وإيضاحات من قبل المختصين في المؤسسة. كما أشار التقرير إلى أن المختصين في المؤسسة قاموا، بموجب محاضر تسويات مع شركة السعدي وباجرش بتاريخ 20 مارس 2018، باعتماد مبالغ إضافية لصالحها مقابل تزويد المؤسسة بالطاقة خلال شهر ديسمبر 2017، ويناير 2018، بمبلغ إجمالي (3.336.901) دولارا.
 
وأوضح التقرير أن المبلغ الأخير تم خصمه من بقية قيمة العقد المبرم مع الشركة، والذي سبق وان تم صرف قيمته للشركة مقدما بموجب حوالات دولية. كما تم الاتفاق مع شركة السعدي وشركة باجرش، دون الحصول على موافقة الجهات العليا أو عمل ملحق عقد معها بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح النافذة.
ويؤكد التقرير أن العقود التي تمت بتلك المبالغ بين المختصين وشركة بيع الطاقة تمت في وقت انخفض فيه استهلاك الطاقة، بمعنى أنه لم يكن هناك داعٍ لعقود شراء طاقة؛ حيث تم تمديد عقد شراء الطاقة مع شركة السعدي لمدة ثمانية أشهر إضافية، تحت مبرر الاحتياج لسد العجز في الطاقة، دون خصم تكلفة النقل والتركيب والرسوم الجمركية، التي تم تحميلها على فترة العقد الأصلي، وبنسبة لا تقل عن 5 في المائة من إجمالي قيمة العقد المبرم مع الشركة.
 
تأكيدات جهاز الرقابة 
 
وفي ختام تقريره، شدد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، على ضرورة إلزام شركة "السعدي" بتسوية أوضاع محطاتها مع مصلحتي الضرائب والجمارك بما يضمن سداد كافة رسوم الضرائب والجمارك المستحقة عليها.
كما شدد على ضرورة إعادة النظر في كافة التعاقدات المبرمة مع شركة السعدي، بما يضمن الحد من ظاهرة ارتفاع أسعارها وكذا معدلات الاستهلاك للوقود مقارنة بالشركات الأخرى، فضلا عن إلزام المختصين في المؤسسة باحتساب معامل القدرة والتجاوزات التي تمت من قبل الشركة لتلك المعامل، وتحديد الغرامات المستحقة عليها وكذا استقطاعها من أي مستحقات متبقية.
كما أوصى بعمل استقطاع وتحصيل جميع الغرامات المستحقة على الشركة نتيجة عدم التزامها ببنود العقود المبرمة معها.