Image

إيران وعملاؤها يصنعون لليمن مستقبلاً مظلماً بسلاح المخدرات

بات من الملفت للنظر ما بين فترة وفترة أنه يتم إلقاء القبض على عصابات متخصصة بتهريب المواد المخدرة، سواء كان ذلك قبالة البحار اليمنية أو في الطرق البرية من قبل قوات خفر السواحل والأجهزة الأمنية والاستخباراتية. ويتم تحريز كميات مهولة تتجاوز قيمة أقل عملية الـ5 ملايين دولار على أقل تقدير. وتظهر التحقيقات التي تقوم بها الجهات المعنية مع من يقومون بعمليات التهريب أن تلك المواد كانت في طريقها إلى صنعاء. وهنا تبرز اسئلة : كم يا ترى حجم الكميات التي نجحت في الوصول للعاصمة؟ ومن يقف وراءها؟ ومن المستهدف بها؟

لقد دأبت الجماعات والعصابات الإرهابية والمتدثرة بالدين على مدى تاريخها بجواز استخدام المخدرات والاتجار بها، ومنها جماعة الحوثي الانقلابية التي تسيطر على محافظات في شمال البلاد. فعلى مر السنوات السبع الماضية من الحرب لم تكتفِ بتهريب الأسلحة بمختلف أنواعها لدعم مقاتيليها في مختلف الجبهات، بل إنها إلى جانب ذلك تقوم بتهريب المخدرات كالحشيش وأقراص الهلوسة، إضافة إلى مواد الزراعة الممنوعة والمحرمة دولياً، بدعم وتخطيط من نظام الملالي في طهران ممثلاً بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان، وبالتسيق مع مافيا في كولومبيا بحسب التقارير المؤكدة، ما جعل ظاهرة انتشار المخدرات في أوساط الشباب في صنعاء على مرأى ومسمع من سلطات الانقلاب بل إنها هي من تقوم بعملية الترويج والبيع عبر مجندين تابعين لها لإفساد أخلاقهم وقيمهم وتصنع منهم وحوشاً منتقمة من الأسر والمجتمع.
 
ما أوصل البعض منهم الإقدام على الانتحار أو ارتكاب جرائم بشعة. ومن جانب آخر، وإضافة إلى عمليات غسيل المخ للاطفال والشباب التي تقوم بها سلطة الانقلاب عبر المحاضرات التي تنفذها، فإنها تقوم بإعطاء المخدرات المختلفة لأفرادها في جبهات القتال وإيهامهم بأنها تمنحهم التركيز والقوة وترفع من طاقتهم وتساعدهم على السهر. ويهدف الحوثيون من تلك الأعمال الإجرامية التي تدمر شريحة حساسة من أبناء اليمن إلى الحصول على إيرادات مالية مهولة، وتعتبر ذلك أحد أهم مصادرها المادية لتساعدها على تغطية نفقات الحرب التي تخوضها ضد الشعب اليمني ولتجعل من عناصرها وقوداً لمعاركها (خاصة الذين في عمر المراهقة) وهم مسلوبي العقل والإدراك ودون شعور أو وعي أو حرص على أنفسهم ويبقون رهن الإدمان، فيضمنون بذلك السيطرة عليهم بسهولة والتحكم بهم كالدمية ، ومن ثم الانضمام لصفوفهم وتوجيههم حيث يشاؤون، فيدفعون حياتهم ثمناً لمعركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل وهي بهذا العمل تعمل على إطالة عمر وأمد الحرب أكبر قدراً من الوقت. فالحوثيون بطبيعتهم الإجرامية غير آبهين بأرواح البشر ولا يعنيهم أن يخلفوا وراءهم جيلاً منحرفاً لا يقوى على صناعة مستقبله، فما بالنا بمستقبل اليمن؟! وهذا في الأساس جزء من أهدافهم البعيدة التي تستهدف الوطن أرضاً وإنسانا. وقد كشفت تقارير أن الكثير من تلك القيادات تعيش حالة ثراء فاحش لم تكن تحلم به وتتمتع بالكثير من الرفاهية وكله من وراء تجارة المخدرات.
ظاهرة المخدرات ما قبل 2011:
 
في عام 1993 صدر القانون رقم (3) بشأن مكافحة الاتجار والاستعمال غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية. وقد جرم القانون استخدام أي مواد من شأنها أن تذهب العقل ويعاقب كل من يستخدمها أو يتاجر بها بعقوبة مشددة؛ إذ ذكرت المادة (35): يعاقب بالإعدام أو بالسجن لمدة خمسة وعشرين سنة كل من تملك أو حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي مادة مخدرة وكان ذلك بقصد الاتجار فيها بأي صورة، وذلك في غير الاحوال المصرح بها في هذا القانون.
 
وكانت هذه العقوبة في عهد الرئيس الراحل الشهيد علي عبدالله صالح لها أثر بالغ في الحد من تلك الجريمة، وإن ظهرت بعض الحالات إلا أنها كانت في حكم النادر ولم تكن ظاهرة واسعة الانتشار. وما ساعد في ذلك الحد هو قوة الأجهزة الأمنية الضبطية والخبرة والكفاءة العالية والحرص الوطني الذي كان يتحلى به رجال الدولة إضافة إلى وجود المؤسسة القضائية التي كانت تضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه بارتكاب جريمة التعاطي أو الاتجار بالمخدرات. وقد صدرت أحكام عديدة حينها، ولا احد يستطيع أن ينكر حال وسلامة اليمن وشبابها في تلك الفترة ولا وجه للمقارنة في وقتنا الراهن بما سبق، ما يؤكد أن غياب الدولة وأجهزتها المختلفة كان سبب رئيس في انتشار مختلف الجرائم ومنها الممنوعات .
 
ماذا ينتظر اليمن في حال وضعت الحرب أوزارها؟
لا شك أننا سنكون أمام وضع استثنائي وكارثة لم يسبق لليمن أن تجرعتها، وسنصبح في مواجهة مشكلة معضلة تتمثل بالشباب المدمن على استخدام المخدرات والذي سبكلف الدولة وقتاً طويلاً واموالاً طائلة لاحتوائهم وانقاذهم وسنحتاج لعدد كبير من الأطباء والمختصين النفسيين والاجتماعيين. ومن المؤكد أنه سيتم فتح مراكز عديدة لتأهيل الضحايا وعلاجهم من الإدمان، بالتوازي مع تطبيق العقوبات القانونية المشددة ضد من يتسبب في تدمير الشعب اليمني بتلك الآفات القاتلة ويسعى إلى استهداف مستقبله. 
 
وبحسب مهتمين وناشطين تحدثوا إلينا، فانهم لا يرون هناك مانعاً من بدء الأجهزة الأمنية والقضائية القيام بدورها في مناطق الشرعية ولو بتطبيق عملية السجن على أقل تقدير، تمهيدا لبسط هيبة الدولة وتهيئة المجتمع تدريجياً لقبول المتغيرات الجديدة القادمة وبث الأمل فيهم كما هي رسالة للعابثين بحياة الناس والذين لا يزالون قتل الشعب اليمني بسلاح آخر إسمه المخدرات .
أخيراً، يبقى الوطن وشبابه مسؤولية الجميع، بدءا من الأسرة والمجتمع وانتهاء بالجهات الرسمية ومنها وسائلها الإعلامية والمنظمات والجمعيات التي ينبغي أن يكون لها دور في عملية التوعية لتحذير من تبقى من أبنائنا وتجنيبهم الوقوع في ذلك المستنقع الذي أهدته لنا إيران كخنجر مسموم غرسته في خاصرة وطننا عبر أذنابها الحوثيين.