الإيمان بالله .. والتوازن النفسي والسمو الأخلاقي ..!!

03:58 2022/09/03

بصراحة ..... 
من ينظر إلى المنهج الإسلامي ، نظرة عامة وشاملة ، يندهش من عظمة تشريعاته وأحكامه ، كونها تناولت كل ما يتعلق بحياة الإنسان ، ونظرت إلى كل متطلباته وإحتياجاته برؤية غاية في الإتزان والإعتدال والوسطية ، فكل تشريع ، وكل حكم ، له أهداف وغايات ، تراعي جوانب الحياة المختلفة ، من إنسانية ، واجتماعية ، وروحية ، ومادية ، ودنيوية ، وأخروية ، تهدف في مجملها ، إلى إنتاح شخصية إنسانية سوية ، متحررة من الكثير من السلوكيات السلبية ، ومن الأمراض النفسية ، من خلال ربطها الربط الوثيق بخالق الكون جل شأنه ، لأنه كلما زاد في النفس البشرية ، الثقة بالله تعالى ، كلما كانت أكثر بُعداً عن السلوكيات السلبية ، وكلما كانت أكثر قرباً من السلوكيات الإيجابية ، كما أن الثقة بالله تعالى هي ميزان سلامة وصحة النفس من الأمراض النفسية ، فكلما زادت تلك الثقة داخل النفس البشرية ، كلما كانت أكثر سلامةً وصحةً نفسية ، والعكس صحيح ..!! 
 
وبإنتاج أفراد أسوياء نفسياً وسلوكياً ، يمكن الوصول إلى غاية عظيمة جداً ، من غايات المنهج الإسلامي ، وتتمثل في الحصول على مجتمع إنساني صالح ، وفاضل ، وسعيد ، ومتعاون ، ومتراحم ، وحضاري ، وهذا هو الهدف الدنيوي العام لكل الأديان السماوية ، والمتمثل في الدفع بالمجتمع نحو الإيجابية ، وإبعاده عن السلبية ، من خلال تفعيل نوازع الخير داخل النفس البشرية ، وكبح جماح نوازع الشر داخلها . والإيمان الصحيح بالله تعالى هو القوة الروحية ، التي تمنح النفس البشرية التوازن النفسي والطاقة الإيجابية التي تحتاج إليها ، لضبط سلوكياتها وتصرفاتها والسير بها نحو الإتجاه الإيجابي ، بعكس الحال عندما تعاني النفس البشرية من الاضطراب النفسي ، الناتج عن الفراغ الروحي وضعف الإيمان ..!! 
 
إذن ...... 
الإيمان الصحيح بالله تعالى ، له دور كبير جداً في تحقيق التوازن النفسي والسلوكي داخل النفس البشرية ، فهو يدفع النفس البشرية نحو الانحياز للخير والإيجابية ، في كل تصرفاتها وسلوكياتها ، وبذلك من كانت نفسه تدعوه للنزوع نحو السلوكيات السلبية والعدائية ، عليه مراجعة إيمانه وعلاقته بالله تعالى ، وعليه أن يدرك بأن هناك خلل ما في إيمانه بالله ، لأن الإيمان الصحيح يدفع النفس نحو الخيرية والإيجابية ، وحب الخير للآخرين يندرج ضمن تلك الخيرية ، فأين الخيرية في دعوات التطرف ، والتشدد ، والإرهاب ، والقتل ، والكراهية ، والعنف ، ومصادرة حريات الآخرين ، ونهب حقوقهم ، والتسلط عليهم ، وممارسة الظلم ضدهم ، وبالتالي فإن هكذا دعوات سلبية وتصرفات عدائية ، تتعارض تماماً مع الإيمان الصحيح بالله ، ولا يمكن أبداً أن تصدر عن نفس بشرية سوية ومتوازنة ومؤمنة ..!! 
 
وبالتالي فإن هناك علاقة قوية بين الإيمان الصحيح بالله وبين تصرفات وسلوكيات النفس البشرية ، فكلما ارتفع مقياس الإيمان بالله تعالى داخل النفس كلما دفع بها أكثر نحو السلوكيات الإيجابية والأعمال الخيرية والعكس صحيح ، وبذلك فإن سلوكيات وتصرفات الإنسان مع الآخرين من حوله هي من تحدد درجة إيمانه بالله تعالى ، فالمؤمن لا يمكن أن يمارس الظلم على الآخرين وينهب حقوقهم وأموالهم ويصادر حرياتهم ، والمؤمن لا يمكن أن يدعوا إلى العنف والكراهية وسفك الدماء وإزهاق الأرواح ، والمؤمن لا يمكن أن يكون داعية للحروب والصراعات ، بل إن الموقف الصحيح للمؤمن حتماً سيكون مع الحق وفي جانب المظلومين ورفع الظلم عنهم ، ومع السلام والتصالح والتسامح وحقن الدماء والتعايش السلمي ،  ومع الإصلاح بين الناس وتعزيز قيم الإخاء والتوافق والتقارب وردم فجوات الخلاف بين الأخوة في الدين وفي الوطن وفي الإنسانية ، فالإيمان بالله تعالى قيمة روحية وأخلاقية وسلوكية ومعنوية عالية وسامية وراقية ورفيعة وعظيمة ، لأنها تسمو بالنفس البشرية عالياً في أعلى مراتب الخيرية والأفضلية والنقاء ، لتبتعد بها كثيراً عن أطماع الدنيا وشهواتها ونزواتها وأدرانها وسلبياتها ، وبذلك فإن الإيمان الصحيح بالله تعالى ليس مجرد كلام ولا مظاهر ولا شكليات بل سلوكيات وممارسات وأعمال فاضلة وراقية يلتمس خيرها وبرها وعطاءها وجمالها كل من يحتك بها أو يتعامل معها ..!!