Image

تدريبات مكثفة للجيش الصيني.. "تمويه" أم "تعبئة" لعمل عسكري؟

أثار توجيه الرئيس الصيني شي جين بينغ، بتعزيز قدرات الجيش والاستعداد لـ"عمل عسكري"، تساؤلات بشأن طبيعة توجهات بكين خلال الفترة المقبلة، ومدى ارتباط ذلك بأزمة تايوان.

يأتي التوجيه الصيني وسط مخاوف من استعداد القوات الصينية لشن عملية عسكرية ضد جزيرة تايوان، في أعقاب مؤتمر الحزب الشيوعي، الذي أضاف إلى دستوره "استقلال تايوان بحزم والتنفيذ الحازم لسياسة دولة واحدة ونظامان".

وقال الرئيس الصيني إنه "يتعين على الجيش بأكمله تكريس كل طاقته والقيام بجميع أعماله من أجل جاهزيته القتالية، وتعزيز قدرته على القتال والانتصار، والوفاء بمهامه في العصر الجديد على نحو فعال"، مشددا على أن بلاده "ستعزز الآن بشكل شامل تدريبها العسكري والاستعداد لأي حرب".

وخلال الأسابيع الماضية، أجرت الصين أكبر تدريبات عسكرية لها على الإطلاق حول تايوان، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى هناك.

وتعليقا على التدريبات العسكرية الصينية، قالت الخبيرة بسياسة الدفاع الصينية والتحديث العسكري، بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، ميا نوينز، إنه "نظرا لعدم وجود أية خبرة قتالية حقيقية، سيستمر الجيش الصيني في محاولة تحسين جودة ونطاق وحجم التدريبات، من أجل بناء قدرات الجيش".

وأوضحت نوينز لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الجيش الصيني أجرى بالفعل تغييرات في السنوات القليلة الماضية على كيفية تدريبه، لكن هذا قد يشمل الآن أنواعا جديدة من التمارين بمعدات مختلفة، بوتيرة أسرع وتكرار أكبر، لتكرار سيناريوهات القتال بشكل أكثر دقة".

وأضافت: "هناك قلق من أن إيقاع التدريب المتزايد وعلى نطاق أوسع، قد يُستخدم في مرحلة ما للتمويه لحالة طوارئ تايوانية فعلية، لأنه قد يجعل من الصعب التمييز بين التدريب العسكري والتعبئة للحرب. ومع ذلك، فإننا لم نصل بعد إلى تلك النقطة".

وبشأن الموقف الغربي إزاء التدريبات الصينية، لفتت نوينز إلى أن "الولايات المتحدة ستراقب عن كثب أنشطة تدريب الجيش الصيني وكيف تتطور بمرور الوقت. كما تتحدث بالفعل مع الحلفاء والشركاء، بما في ذلك أوروبا، بشأن حالات الطوارئ في تايوان، لمناقشة أدوارهم في حالة حدوث أزمة أو صراع".

"كمون استراتيجي"

من جانبه، أوضح الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية، محمد حسن، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الصين تنتهج سياسة (كمون استراتيجي) منذ إعلان الجمهورية الشعبية، بسبب ظروف جيوسياسية"، تشمل:

"امتلاء الفضاء الجيوسياسي الصيني بقوى دولية وإقليمية، ذات ثقل سياسي وعسكري واقتصادي كبير، فمن الشمال روسيا، ومن الجنوب اليابان، وكذلك الولايات المتحدة، التي تنتشر بحريا في حزام يطوق وجهة الصين ناحية المحيط الهادي".

"المنظومة الدولية التي انتقلت من عالم ثنائي القطب، لأحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة والقوى الغربية، التي تحتكر التكنولوجيا الفائقة والبحريات الضاربة في القوة".

وأشار حسن إلى أنه "لهذه الأسباب تفادت الصين الدخول في مناوشات عسكرية، وعكفت على تفعيل استراتيجية الكمون الاستراتيجي، التي خلالها كانت بكين تبني قوة عسكرية على النمط الغربي الحديث، تنظيما وروحا، بمعنى إعادة هيكلة الجيش والتركيز على سلاحي الجو والبحرية، وامتلاك قدرات صاروخية نوعية من خلال ترسانة نووية هي الأكبر في منطقة المحيط الهادي، وصواريخ فرط صوتية تتفوق فيها على الولايات المتحدة، بشهادة مسؤولين أميركيين".

واعتبر باحث السياسات الدفاعية، أن "التوجيه الصيني الأخير يأتي في سياق هدوء نسبي في ديناميكية الحرب الروسية الأوكرانية، فيما تتواصل أميركا وروسيا سرا، من خلال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومساعدي الرئيس الروسي".

ولفت إلى أن ذلك "نتج عنه انسحاب القوات الروسية من خيرسون باتجاه الضفة الشرقية لنهر الدنيبرو، بما يحمل احتمالية توجيه مركز الثقل الغربي للبيئة الأمنية والعسكرية لجنوب شرق المحيط الهادي، أي في عقر المجال الحيوي الصيني".

وبشأن ارتباط ذلك بأزمة تايوان، أوضح حسن، أن "هناك سياق آخر للإعلان الصيني، يتمثل في حدة الاختراقات الصينية لمنطقة تعريف الدفاع التايوانية بحرا وجوا لمئات المرات منذ زيارة بيلوسي، علاوة على استعداد هيكلي وعملياتي لعمليات الاقتحام والإنزال البرمائي".