من الكهوف إلى العروش

07:49 2023/08/25

إن استمرت معطيات الوضع الراهن وتداعياته الخطيرة في التنامي دون أن توجد الحلول العقلانية لعقلاء اليمن وحكمائها, فإننا سنشهد واقعا يجرنا إلى مزيد من الموت المؤطر بالكرامات المُهانة والسقوط في وحل الفوضى و الاغتيال لأي مشروع يدخلنا في مصاف الدول الإنسانية بعيدا عن مبادئ الهمجية والبطش والرجعية الخالية من أي ولاء للوطن ولبسطاءه.
                                             
إن كنا نظن أن من يأتي من كهوف الماضي بإمكانه ان ينطلق بنا لفضاء المدنية و المساواة والحرية بعيدا عن ديكتاتورية السلاح وقمع الحياة وتكميم الرؤى والافواه والحريات، فنحن واهمون، ونغدو كمن يجمع الرماد في هيجاء يوم عاصف. 

الدول لا يمكن أن تبنيها الرجعية و الديكتاتورية و فرض قوة البنادق و تكميم الأفواه، والتي تمارسها جماعة الحوثي المسيطرة على مفاصل البلاد بالقوة، دونما استحقاق، و دونما مسوغ قانوني يجيز لهم العبث بكل مقومات الدولة التي تعدوا على منهجيتها و معطياتها و قلبوها رأسًا على عقب. و تعدت على كل الأطر الشرعية، و قفزت قفزًا صارخًا على كل العهود والمواثيق الانسانية،و السياسية و الأخلاقية، والمصيرية.و عادوا بنا  لحكم الرجعية والانغلاق من جديد بعد ان ظلنا ستة عقود نبحث عن الجمهورية. الديمقراطية،و راح ضحية ذلك مئات الآﻻف من اليمنيين والنتيجة كانت رجوعنا لقرون الفكر الرجعي و الهمجية و لحوار البنادق.

هذا العبث الذي يعيشه وطننا والفوضى الكبيرة واختلال موازين الدولة وضياعها امام سيطرة قوى الرجعية التي تديرها جماعة الحوثي يُفرغ البلاد من اي مشروعية ثورية  التي يدعي الحوثي تصحيحه لمسار الثورة لكنه يضحك على دقون كل اليمنيين، و ذلك حين تعامل مع بلاده, وكأنه محتل و طغى بالقوة على كل مقومات الشرعية و الدستورية, حتى وأن كان في الأمر لعبة سياسية فاقت التحليلات و التخيلات، فذلك لا يعطيه الحق إطلاقًا التحكم بمصير شعب بأكمله يريد أن يعيش كريمًا بينما كرامته سُحلت تحت كهنوت قوم الكهوف هؤلاء، وبغي بنادقهم و الموت الذي أضحى ينتظره عند كل رصيف من أرصفة بلاده.

لا يمكننا ومن خلال واقع يموج في الهرج والمرج السياسي المرعب إلا أن نفصح عما يعانيه كل اليمنيين من انتكاسة روحية و نكبة مؤلمة صارت تدمي أرواحهم، و يقينهم ان قومًا عاشوا على مبادئ العنف ، و تمنطُق السلاح، و اعتاشوا من الإحتراب والتقطع و السلب والنهب ،قوم عاشوا في الكهوف و أغلقوا عقولهم عن الفكر والحياة لعقود مضت، بينما بلعبة سياسية دنيئة صعدوا إلى القصور، قوم كهؤلاء يستحيل عليهم ان يبنوا وطنًا أو يؤسسوا للعدل و الحق و المساواة، وينشؤا دولة مؤسسات حقيقية..

لذا من أجل أن يظل اليمن شامخًا أبيًا, لا بد لليمنيين أن يقولوا كلمتهم طالما فشل السياسيون أن يستعيدوا الوطن من قوم الكهوف هؤلاء، وحينها و في هذه الحالة فقط سيرتدون إلى جحورهم صاغرين.و ما دون ذلك سيظل اليمن رهن البطش ومستنقعات الدماء، و وحل المقاصل والمشانق و بغي قوم صعدوا من الكهوف إلى العروش.