في الذكرى ال9 لنكبة 21 سبتمبر .. كيف تم إسقاط الدولة؟!

 تسع سنوات عجاف مضت من حياة الشعب اليمني تجرع خلالها  كل الويلات، والمأسي، والمصائب والآلالم  بسبب الحرب القذرة التي أشعلتها ميليشيات مسيرة الموت الحوثية الكهنونية منذ انقلابها في 21سبتمبر 2014م على السلطة الشرعية التوافقية المنتخبة بعد إقتحامها للعاصمة صنعاء، وإستيلاءها على كافة مؤسسات الدولة المدنية، والعسكرية، والأمنية بقوة السلاح بوجود ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الى اليمن "جمال بن عمر" في العاصمةصنعاء، ومعه سفراء الدول الراعية للعملية السياسية، وهي الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا، ودول مجلس التعاون الخليجي)، وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الذي فرض عقوبات دولية على قائد تلك الميليشيات عبدالملك الحوثي، وفي الوقت نفسه يذهب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، إلى كهف مران في محافظة صعدة، التي كانت قد استولت عليها تلك الميليشيات،  وأصبحت خارج سيطرة الدولة منذ إشعال نار الفتنة في مطلع العام 2011م.. ذهب بن عمر للقاء عبدالملك الحوثي، والبقاء في ضيافته ثلاثة أيام.

 

الميليشيات الحوثيه تقتحم منطقة دماج

 بعد لقاء الممثل الأممي الى اليمن جمال بنعمر بعبدالملك الحوثي،  قامت الميليشيات الحوثية باقتحام منطقة دماج، والإستيلاء عليها بقوة السلاح دون أن يقوم رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة المشير الركن /عبدربه منصور هادي بواجباته الدستورية والقانونية، بل تعامل مع الأمر وكأنه لا يعنيه، ولم تحرك الدول الراعية للعملية السياسية والأمم المتحدة ومجلس الأمن ساكناً تجاه ماحدث. 

ميليشيات الحوثي تُسقِط محافظة عمران، وهادي يُعلن أنها عادت إلى حضن الدولة.
 لم يتوقف الأمر عند استيلاء الميليشيات الحوثية على منطقة دماج، وتهجير أهلها، بل تعداه إلى الاستيلاء على محافظة عمران بالكامل، دون أن يقوم رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة بواجباته الدستورية والقانونية تجاه ذلك، بل أنه رفض تعزيز قائداللواء ( 310) مدرع العميدالركن /حميد القشيبي، الذي وقف في وجه تلك الميليشيات، ولم يستسلم حتى أستشهد-رحمه الله - ولم يتوقف الأمر هنا، بل أن الرئيس هادي قام يوم جنازة الشهيدالعميد/حميد القشيبي في العاصمة صنعاء، بالذهاب إلى مدينة عمران ليعلن للشعب اليمني أن عمران عادت الى حضن الدولة، وأن الأمن والإستقرار قد حط في محافظة عمران، وأنها أمنة ومستقرة أكثر من أي محافظة أخرى.. 
وكذلك لم تُحرِك الدول الراعية للعملية السياسية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ساكناً تجاه ماحدث.

حصارالعاصمة صنعاء
بعد إسقاط محافظة عمران، تقدمت الميليشيات الحوثية نحو العاصمة صنعاء، وأستولت على جميع مديريات محافظة صنعاء فارضةً طوقاً عسكرياً على أمانة العاصمة من جميع الجهات، تحت مُسمى "الإعتصامات" للمطالبة بإسقاط الجرعة وحكومة التوافق الوطني برئاسة الأستاذ/ محمد سالم باسندوه التي تشكلت في نوفمبر 2011م مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، وحزب الإصلاح وشركائه في تكتل أحزاب اللقاء المشترك، بناءً على المبادرة الخليجية التي تم بموجبها نقل السلطة سلمياً من رئيس الجمهورية المشير/ علي عبدالله صالح إلى نائبه المشير/عبدربه منصور هادي في إنتخابات رئاسية مبكرة توافقية.

إسقاط العاصمة صنعاء دون مقاومة؟! 
 ظلت  الميليشيات الحوثيه تتوغل داخل العاصمة صنعاء يوماً بعد يوم، وتقيم مخيمات الاعتصامات والمظاهرات تحت اسم إسقاط الجرعة، والتي كانت في البداية بشارع المطار، ثم تقدمت بالتدريج حتى وصلت الى أمام مجلس الوزراء، مطالبة باسقاط الحكومة، ولم يُحرِك فخامة الرئيس هادي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ساكناً، وكذلك الدول الراعية للعملية السياسية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتعلن الميليشيات الحوثية ساعة الصفر، وتسقط العاصمة صنعاء يوم 21 سبتمبر 2014م، وتستولي على كافة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية دون أية مقاومة. وكان وزير الداخلية اللواء /عبده حسين الترب، قد وجه كافة قوات الأمن بحماية المؤسسات العامة، وفعلاً تحركت القوات الأمنية، ولكن صدرت إليه التوجيهات بالتعاون مع ميليشيات ما يُسمى (اللجان الشعبية)، باعتبارهم أنصار الشرطة.

إستقالة الحكومة وهادي وبنعمر يرعيان التوقيع على إتفاق مع الحوثيين،
على إثر سقوط العاصمة صنعاء بيد الميليشيات الحوثية.
أعلن رئيس مجلس الوزراء الأستاذ/ محمد سالم باسندوه استقالة حكومته، وفي  نفس اليوم رعى الرئيس هادي، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر، وسفراء الدول الراعية للعملية السياسية، مراسيم التوقيع في دار الرئاسة على ماأسموه ب(إتفاق السلم والشراكة الوطنية ) بين الميليشيات الحوثية والأحزاب والتنظيمات السياسية، الذي تم التوقيع عليه تحت التهديد بفرض عقوبات دولية على أي حزب يرفض التوقيع.. وهنا يجب أن يتم وضع الف علامة إستفهام، كيف ومتى تم صياغة بنود ذلك الإتفاق وملحقاته؟ أي أنه كان قد تم إعداد بنوده وملحقاته وطباعته في وقت سابق ليوم إسقاط العاصمة صنعاء من قبل ميليشيات الموت الحوثية الكهنوتية بأسابيع، إذا لم يكن بأشهر.

تشكيل حكومة جديدة بمشاركة الحوثي. 
بموجب  الإتفاق الذي تم التوقيع عليه من قبل ممثلين عن الأحزاب والتنظيمات السياسية مع الحوثيين، تم تشكيل حكومة جديدة بمشاركة ميليشيات الحوثي في 7 نوفمبر2014م، أسموها (حكومة الشراكة الوطنية) برئاسة المهندس /خالد محفوظ بحاح، ونالت ثقة البرلمان في 18 ديسمبر 2014م رغم إعتراض الحوثي على ذلك، ولم تستمر سوى شهر وأربعة أيام فقط بسبب الممارسات التي تقوم بها الميليشيات الحوثية، وتدخلها في شؤون الحكومة، وقيامها بفرض الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.

إستقالة رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية 
قدم المهندس /خالد بحاح إستقالة الحكومة لرئيس الجمهورية المشير /عبدربه منصور هادي في يوم الخميس الموافق 22 يناير 2015م .
*كانت إستقالة حكومة خالد بحاح مفاجئة للشعب اليمني، ولكن المفاجأة التي كانت صادمة هي تخلي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، المشير الركن /عبدربه منصور هادي، عن واجباته الدستورية والقانونية بتقديم إستقالته مساء نفس اليوم لمجلس النواب، بحسب الدستور 
وقد أعلنت هيئة رئاسة مجلس النواب رفضها الاستقالة، ووجهت الدعوة لأعضاء المجلس لعقد جلسة طارئة، صباح اليوم التالي الجمعة، للوقوف أمام إستقالة رئيس الجمهورية، ولكن المليشيات الحوثيه قامت باحتلال مجلس النواب وإغلاقه، ومنع عقد الجلسة الطارئة.. وقامت الميليشيات الحوثيه بفرض الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية، ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء، ورئيس وأعضاء مجلس النواب، وكبار مسؤولي الدولة مدنيين وعسكريين.

 الحوثيون يلغون الدستور ويحلون البرلمان
بينما كان المبعوث الأممي جمال بنعمر يرعى مفاوضات بين القوى السياسية للبحث عن مخرج من الوضع،  أصدر 
الحوثيون إعلاناً دستورياً تم  بموحبه  الغاء دستور الجمهورية اليمنية، وحل البرلمان، واستلام ما يُسمى ب(اللجنة الثورية العليا)، برئاسة المدعو محمد علي الحوثي، إدارة شؤون الدولة والحكومة لفترة مؤقتة، معلنين أنه سيتم تشكيل  مجلس رئاسي من خمسة أعضاء، وتشكيل مجلس وطني من( 551) عضواً سيحل مكان البرلمان، وأن المجلس الرئاسي الذي سيتم تشكيله لاحقاً سوف يشكل حكومة كفاءات وطنية لفترة إنتقالية، تم تحديدها في الإعلان الدستوري بسنتين.
وجاء في الإعلان الدستوري (يتولى رئاسة الجمهورية في المرحلة الانتقالية مجلس رئاسة مكون من خمسة أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني، وتصادق عليهم اللجنة الثورية، في حين يُكَلِف مجلس الرئاسة من يراه من أعضاء المجلس الوطني، أو من خارجه بتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات الوطنية، وأن تتفرع عن اللجنة الثورية لجان ثورية في المحافظات والمديريات في أنحاء الجمهورية) .

خروج هادي من صنعاء وعدوله عن إستقالته
تمكن الرئيس عبد ربه منصور هادي  من الخروج من العاصمة صنعاء - أو تم إخراجه- يوم 21 فبراير2015م، ووصل الى مدينة عدن، ومساء نفس اليوم، وجه خطاباً للشعب اليمني أكد فيه عدوله عن إستقالته، وأنه يمارس مهامه رئيساً شرعياً للبلاد من مدينة عدن التي أعلنها عاصمة مؤقتة للجمهورية اليمنية..وفي اليوم التالي 22 فبراير ترأس اجتماعاً ضم محافظي المحافظات الجنوبية والشرقية والقادة العسكريين والأمنيين في تلك المحافظات لبحث ترتيبات الوضع الأمني خلال الفترة المقبلة، والإعداد للقاء الموسع الذي دعا اليه في بيانه الرئاسي مساء اليوم السابق.

الحوثيون يتحركون نحو عدن
 قامت الميليشيات الحوثيه بحشد قوات كبيرة مجهزة بمختلف أنواع العتاد العسكري، بما فيه دعم الطيران الحربي الذي شن غارات جوية على قصر الرئاسة في عدن، والذي يتواجد فيه الرئيس هادي، وتم إرسال تلك القوات إلى عدن، وتمكنت  من الوصول الى عدن، والتقدم نحو قصر الرئاسة في معاشيق.

مغادرة هادي عدن، والسعودية تعلن عن  تحالف عربي لدعم الشرعية.
فيما كانت قوات ميليشيات الحوثي تحاول فرض سيطرتها على عدن في ظل مقاومة شديدة من قبل أبطال القوات المسلحة والأمن  والمقاومة الوطنية ، حيث دارت حرب شوارع، وتكبدت الميليشيات الحوثيه خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، خصوصاً بعد أن تمكن الرئيس هادي يوم 25 مارس 2015م من الخروج من عدن، والتوجه الى المهرة، ومنها إلى سلطنة عمان، ثم الإنتقال الى السعودية التي كانت قد أعلنت في وقتٍ متأخر من مساء يوم 25 مارس2015م، عن تشكيل تحالف عربي  بقيادتها والإمارات العربية المتحدة، ويضم عددًا من الدول العربية لدعم الشرعية اليمنية، وبدأت الطائرات الحربية في الساعات الأولى من فجر اليوم  التالي 26 مارس، بشن غارات مكثفة قصفت فيها المعسكرات والمواقع والمنشأت العسكرية في العاصمة صنعاء، وبقية المحافظات، وقد أطلقت السعودية على هذه الحرب إسم (عاصفة الحزم).. وبسبب الضربات المكثفة للطيران الحربي السعودي والإماراتي ودعم القوات الموالية للرئيس هادي والمقاومة الوطنية بالمال والعتاد العسكري، أجبرت الميليشيات الحوثية على التقهقر والتراجع حتى المناطق التي كان يطلق عليها قبل إعادة الوحدة اليمنية ب(مناطق الأطراف) واستمر الوضع على ما هو عليه منذ ذلك الحين، وحتى اليوم.

* عضو نقابة الصحفيين اليمنيين وإتحاد الصحفيين العرب