الأنظمة الديمقراطية .. والمطالب الشعبية ..!!

12:25 2024/01/03

تتميز الأنظمة الديمقراطية عن غيرها من أنظمة الحكم الأخرى بأن معظم تحركاتها وسياساتها وقراراتها وأفعالها على كل المستويات الداخلية والخارجية تراعي مطالب وخيارات شعوبها ، ومن النادر أن تتحرك هذه الأنظمة خارج إرادة ورغبات الجماهير التي اختارتها واوصلتها إلى السلطة ، وذلك لأن كل قراراتها لا تستمد قوتها ونفاذها إلا بعد عرضها على مجلس الشعب ( النواب ) ، والذي يتكون من نواب عن الشعب يمثلون كل مناطق وفئات الشعب ، وبدون شك هؤلاء النواب يراعون في مواقفهم تجاه كل القرارات المعروضة عليهم مصالح أفراد الشعب ، فلا يمكن أن يوافقوا على قرارات أو قوانين تتعارض مع مصالح أفراد الشعب ، لأنهم بذلك يقضون على مستقبلهم السياسي ويخسرون دعم وتأييد أفراد الشعب الذين بيدهم اعادة انتخابهم مرة أخرى ، وبذلك فإن كل القوانين والقرارات الصادرة عن الأنظمة الديمقراطية تراعي في المقام الأول إرادة ورغبات ومصالح أفراد الشعب ، وتتبارى وتتنافس كل مكونات الأنظمة الديمقراطية من وزارات ومؤسسات وأحزاب وقيادات ومنظمات مجتمع مدني في خدمة الشعب ، فالشعب هو المحور الذي يدور حوله الجميع ويبحث عن رضاه الجميع ، لأنه صاحب السلطة ومصدرها ، لذلك تتمتع الشعوب التي تحكمها أنظمة ديمقراطية بمميزات كثيرة وتتمتع بالمزيد من الحقوق والحريات ، وليس من مصلحة أي طرف من مكونات النظام الديمقراطي تحدي أو معارضة إرادة ورغبة ومصالح الشعب ، لأنه بذلك يحكم على نفسه بالفشل والخسران ..!!

وذلك بعكس حال الأنظمة الاستبدادية والقمعية التي لا تراعي رغبات ومصالح الشعوب أي اهتمام أو رعاية ، وكل قوانينها وقراراتها تراعي فقط رغبات ومصالح افراد السلطة الحاكمة ، حتى لو كانت تتعارض مع مصالح ورغبات الشعوب ، وحتى لو كانت تتعارض مع المصالح العليا للوطن ، لأنها تنظر إلى أفراد الشعب نظرة دونية فهم مجرد عبيد وخدم ورعية لا قيمة لهم ولا حقوق ولا حريات ولا رأي لهم ، بل إن هذه الأنظمة تستكثر على أفراد الشعوب العيش ضمن مناطق سيطرتها وتمن عليهم بتوفير أبسط متطلبات الحياة لهم ، وتعتبر ذلك مكرمة عظيمة منها عليهم ، وهو ما يعطيها الحق في فرض الإتاوات والجبايات عليهم مقابل تلك الخدمات التي تقدمها لهم ، وهم من وجهة نظرها مجرد رعية عليهم السمع والطاعة وتنفيذ كل قراراتها والالتزام بكل قوانينها مهما كانت جائرة ومستبدة وظالمة ، فمطالب الشعوب ورغباتها ومصالحها لا مكان لها في أنظمة الحكم الاستبدادية والقمعية ، لأنها لم تصل إلى السلطة بموافقة تلك الشعوب ورغبتها ، بل استولت عليها بالقوة والغلبة والقهر ، حتى لو كان غالبية أفراد تلك الشعوب معارضين ورافضين لتلك السلطات ، فالكلمة في مثل هذه المواقف هي كلمة القوة والسطوة والسلاح والطغيان ..!!

فرق شاسع وكبير ولا وجه للمقارنة بين أنظمة الحكم الديمقراطية وبين أنظمة الحكم الاستبدادية والقمعية في طريقة تعاطيها مع أفراد الشعوب ، فرق تتجلى فيه عظمة وإنسانية ومكانة النظام الديمقراطي فيما يتعلق بالحقوق والحريات الإنسانية ، فالإنسان في هذا النظام له مكانة رفيعة وأهمية بالغة ، كيف لا وحقوقه وحرياته لها قدسية لا يحق لأي طرف أياً كان التعدي عليها أو تجاوزها ، ولا يحق لأي سلطة أو حزب القفز فوق مصالح ورغبات الشعوب ، وفرض إرادتها وتنفيذ اجنداتها الخاصة بها ، إنك تقف أمام نظام قام على أسس حقوقية وإنسانية وشعبية قوية ، يقدم مصالح الجميع على مصالح الأقلية ، يقدم المصالح العليا للوطن على المصالح الشخصية والفئوية والشللية والعنصرية ، نظام ينظر إلى كل أفراد الشعب بمنظار واحد فالجميع سواسية أمام القانون ، ما يجعل النظرية الديمقراطية أرقى فكر توصل إليه العقل البشري خلال مشواره الطويل ، والشورى الإسلامية لا تختلف كثيرا عن النظرية الديمقراطية ، ولا يوجد في الإسلام ما يمنع الاستفادة من كل الأفكار والنظريات البشرية التي تدعم العمل الشوروي وتساهم في منح أفراد الشعب الحق في اختيار الحكام ..!!