فنان أمريكي يصنع التاريخ بوصول عمله الفني إلى القمر
مع هبوط المركبة الفضائية "أوديسيوس" على سطح القمر يوم الخميس، حصل أغلى الفنانين الأحياء في العالم على لقب جديد في عصر الفضاء، إذ يعتبر إبداعه الآن أول عمل فني "مرخّص" على سطح القمر.
مستبدلا مساحة المعرض بصندوق شفاف في الفضاء، انطلقت سلسلة منحوتات جديدة للفنان الأمريكي جيف كونز على متن مركبة "أوديسيوس"، التي بدأت رحلتها في 15 فبراير/ شباط.
ويمثل الوصول التاريخي لمركبة "أوديسيوس"، التي تشرف عليها شركة Intuitive Machines التي تأخذ من هيوستن مقرًّا لها، أول هبوط للولايات المتحدة على سطح القمر، منذ أكثر من 50 عامًا.
ويأتي ذلك بعد محاولة فاشلة لمركبة الفضاء "بيريغرين" الشهر الماضي التي احترقت في الغلاف الجوي بعدما منعها تسرّب للوقود من إكمال مهمّتها.
وفي منشور على منصة "إنستغرام" بعد وقت قصير من هبوط "أوديسيوس"، وصف كونز الهبوط على سطح القمر بأنّه "إنجاز مذهل"، وقال إنّه "يشرّفه جدًا" المشاركة في المهمّة.
وكان قد وصف في منشور سابق عمليّة الإطلاق بأنّها "حدث مذهل"، مضيفًا أنّه "على المستوى الشخصي، كان الحجم، والقوى، وتجربة اختراق الفضاء أمرًا لا يصدق!"
إذًا، ما الذي يعرضه كونز على سطح القمر الموحش؟ يحتوي الصندوق المذكور على 125 مجسّمًا صغيرًا للقمر يبلغ قطرها حوالي بوصة واحدة. ويُطلق عليها اسم "مراحل القمر"، وتُظهر 62 مرحلة للقمر كما تُرى من الأرض، و62 مرحلة مرئية من مناظير أخرى من الفضاء، وخسوفًا قمريًا واحدًا.
ويبرز كل منحوتة نقش لاسم شخصية رائدة في تاريخ البشرية، ضمنًا أرسطو، وليوناردو دافنشي، وغاندي، وآندي وارهول، وفيرجينيا وولف، وغيرهم.
وجاء في بيان صادر عن معرضه Pace أن كونز "استوحى الإلهام من القمر كرمز للفضول والتصميم".
وأضاف البيان:"يقدم مشروعه الجديد المفعم بالأمل للمشاهدين إحساسًا بمكانهم في الكون الواسع من منظور أشمل، ما يشجع على التفكير العميق والتأمل".
ولكن سوق الفن لن يكون قادرًا على فعل الكثير بالمنحوتات "المعروضة" في الفضاء الخارجي، لذلك هناك عنصر تجاري لمشروع كونز أيضًا.
ويقدم معرض Pace رموز غير قابلة للاستبدال لكل منحوتة، بينما أنتج كونز منحوتات مادية متماثلة مع "مراحل القمر" التي تعرض على سطحه، لكن أكبر حجمًا، تناسب كوكب الأرض.
وسيتم تصنيع هذه الإصدارات من نفس الفولاذ المقاوم للصدأ العاكس الذي صنع منه منحوتته "الأرنب" التي حطمت الرقم القياسي بقيمة 91.1 مليون دولار.
وسيحتوي كل منها على ماسة أو ياقوتة لتحديد موقع هبوط "أوديسيوس".
علامة فارقة ولكن..
رغم أن وصوله يمثل علامة فارقة، إلا أن "مراحل القمر" ليس العمل الفني الوحيد الذي يهبط على سطح القمر.
وفي عام 1971، ترك أفراد طاقم أبولو 15 تمثالًا من الألومنيوم للفنان البلجيكي بول فان هويدونك، بالإضافة إلى لوحة تذكارية لـ14 رائد فضاء ورواد فضاء الذين لقوا حتفهم أثناء الخدمة.
كما يُعتقد منذ فترة طويلة أن هناك ستة فنانين مشهورين أرسلوا سرًا عملًا فنيًا مشتركًا على متن أبولو 12 قبل سنتين من ذلك (عام 1969)، وهم آندي وارهول، وروبرت روشنبرغ، وجون تشامبرلين، وكلايس أولدنبرغ، وفورست مايرز، وديفيد نوفروس.
وعنون العمل الفني المشترك الخاص بهم، بـ"متحف القمر"، وهو عبارة عن بلاطة خزفية صغيرة تحمل رسومًا من كل فنان، ويُقال إنها لا تزال متصلة بجزء من المركبة القمرية حتى يومنا هذا.
ويأتي هبوط مركبة "أوديسيوس" في وقت شهد فيه السباق الفضائي الثاني قيام دول، ضمنًا الهند واليابان، بإكمال مهماتها القمرية غير المأهولة بنجاح، بالإضافة إلى مجموعة من الوكالات الحكومية والشركات الخاصة في جميع أنحاء العالم التي تقترح رحلات إلى الفضاء.
ولكن "أوديسيوس" أنهت الفصل المتعلق بسباق فضائي أكثر تخصصًا، بين كونز والفنان ساشا جَفري المقيم في دبي.
وفي الشهر الماضي، كان جفري يراهن على الحصول على أول عمل فني مرخّص على القمر، لكن لوحته المحفورة بالليزر، التي تحمل عنوان "نرتقي معًا مع ضوء القمر"، واجهت نهاية مأسوية على متن مركبة "بيريغرين".