ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة.. مناسبة عظيمة لتجديد العهد باستمرار النضال ضد قوى الاستعمار والإمامة الجدد
من واقع الحياة المعيشية في اليمن اليوم، تحاول قوى الرجعية والتخلف الإمامية مغافلة الزمن والعودة بثوبٍ جديد على هيئة عصابة إرهابية ممولة إيرانياً، متجسدة في كيان ما يسمى بـ"الحوثيين". كما تحاول قوى أخرى محاكاة الاستعمار وإحياء مشاريع التشرذم، لإعادة اليمن إلى ما قبل ثورة 14 أكتوبر المجيدة التي نحتفل بذكراها الـ63 هذا العام.
ومن قلب هذا الواقع المظلم، ترتفع أصوات الأحرار الجدد داعيةً إلى العودة لمبادئ وأهداف الثورات اليمنية الكبرى – سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر – واتخاذها نهجاً لاستمرار النضال والثورة حتى الخلاص من بقايا الإمامة ودعاة الاستعمار.
إحياء فجر الحرية
من بين تلك الدعوات، ما أطلقه وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، معمر الإرياني، عبر حسابه في منصة "إكس"، حيث دعا جميع اليمنيين الأحرار في الداخل والخارج إلى المشاركة الفاعلة في الحملة الإعلامية الوطنية إحياءً للذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، التي مثلت فجر الحرية والاستقلال، وأيقظت في وجدان الشعب قيم النضال والتضحية والفداء في سبيل الوطن.
وأشار الإرياني إلى أن الحملة تنطلق الاثنين 13 أكتوبر الساعة السابعة مساءً وتستمر لمدة يومين، تحت وسم: #اكتوبر_فجر_الحرية.
وقال: "لنجعل من هذه المناسبة العظيمة فرصة لتجديد العهد مع تضحيات الأبطال الذين حرروا الوطن من الاستعمار، ولنؤكد أن معركتنا اليوم ضد عصابة الحوثي الإرهابية التابعة لإيران امتدادٌ لمعركة الأحرار ضد الاستبداد، وأن روح أكتوبر الخالدة ستظل مشعل النور في طريق الحرية واستعادة الدولة."
شرارة نار الحرية
لقد مثلت ثورة 14 أكتوبر شرارة الحرية لليمنيين، لما حملته من تشكيلات تنظيمية لقطاعات الوعي والثقافة والعمل الفدائي والبطولي، والتي بدأت بالتكوّن عام 1946 في عدن، وضمت قطاعات العمال والنساء والطلاب والتجار.
ومن تلك التشكيلات النضالية انطلقت عمليات فدائية ضد الاستعمار، بدأت بقصف مبنى المجلس التشريعي في كريتر، وضرب برج المطار، وغيرها من العمليات التي استخدمت فيها القنابل ضد أهداف بريطانية.
تحولت الجماهير حينها إلى حارسٍ أمين للفدائيين في كل زقاق وبيت وشارع، وكانت البيوت والدكاكين مفتوحةً لكل مناضل يسعى إلى الإفلات من الدوريات البريطانية أو الاختفاء عن أعين الجواسيس.
شهدت عدن آنذاك نضجاً ثورياً لافتاً، فتم تحديد المسؤوليات الميدانية تمهيداً للثورة المسلحة الشاملة.
وفي تعز، أُعيد تنظيم هيئات الجبهة وترتيب الجوانب الإدارية والعسكرية والمالية والإعلامية، كما تم التنسيق مع مكتب القيادة المصرية في تعز لإعداد المقاتلين من جبهة ردفان بقيادة الشيخ راجح بن غالب لبوزة، وتحديد فترات التدريب في معسكر خاص بمنطقة "صالة".
ثورة استحقاق بأهداف موحدة
وبعيداً عن تفاصيل المعركة التي انطلقت من جبال ردفان بقيادة المناضل راجح لبوزة، فإن ثورة أكتوبر جاءت استحقاقاً لنضالٍ يمنيٍ خالص، انطلق بشموخٍ وعنفوانٍ بأهدافٍ موحدة وغاياتٍ متناغمة وتضحياتٍ مشتركة، حتى أخرجت المستعمر البريطاني من عدن ومناطق الجنوب.
ووفق شهادات التاريخ والمناضلين، فإن أهداف ثورة 14 أكتوبر جاءت مكمّلة لأهداف سبتمبر، فكلتاهما توأم وطني واحد، متكاملتان في الوسائل والآليات، ولم يكن لنجاح إحداهما أن يتحقق بمعزل عن الأخرى.
فأكتوبر، بوهجها الثوري، أخرجت بريطانيا بكل قوتها من الجنوب، كما أخرجت سبتمبر الإمامة من الشمال، ليكتمل وجه الوطن الواحد الحرّ.
واحدية الجغرافيا والنضال
تؤكد شهادات المناضلين أن الثورة اليمنية كانت واحدة في الهدف والدم والجغرافيا.
لقد جسّدت واحدية الثورة واحدية الأرض والشعب في شطري اليمن، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها مهما حاول البعض تزوير التاريخ أو بث الأكاذيب.
لقد كان نجاح سبتمبر هو الشرارة التي أنارت طريق أكتوبر، وكان انتصار أكتوبر هو الامتداد الطبيعي لثورة سبتمبر، في دليلٍ على أن اليمنيين كانوا ولا يزالون جسداً واحداً في مواجهة كل أشكال الاستعمار والاستبداد.
عبقرية أكتوبر وإنجاز الوحدة
عبقرية ثورة أكتوبر تجلّت في قدرتها على توحيد 23 سلطنة ومشيخة وإمارة كان الاستعمار قد شتّتها تحت قاعدة "فرّق تسد".
لقد أنجزت الثورة هدفها الأكبر بإعادة هوية الجنوب اليمني، ووضعت الأساس الحقيقي لتحقيق الحلم الوطني الأكبر: الوحدة اليمنية، التي كانت حلماً مشتركاً لثوار الشمال والجنوب على حدٍ سواء.
تشير الوثائق التاريخية إلى أن ثورة 14 أكتوبر أنجزت الخطوة الأهم في طريق وحدة التراب اليمني، بعد أن منعت تقسيم الجنوب واستغلال موقعه الاستراتيجي وموانئه من قبل المستعمر بعد خروجه، مؤكدةً أن اليمن، بجغرافيته وتاريخه، لا يمكن أن يكون إلا واحداً.
ختاماً:
في ظل كل مراحل النضال اليمني، ورغم الأحداث العاصفة التي تشهدها الساحة الوطنية، فإن اليمن سيخرج منتصراً، كما خرج من قبل على الاستعمار والإمامة.
ستبقى ثورتا سبتمبر وأكتوبر صمام أمان هذا الشعب، ومشعل الطريق الذي لا ينطفئ.