الدراما اليمنية وعجز تمثيلي و فكري

02:03 2022/04/04

الدراما اليمنية في شهر رمضان خصوصا، وبقية مناسبات العام عموما، لم تشهد خلال العقد الأخير ظهور أسماء فنية وإبداعية أكثر تألقا وجمالا فنيا من جيل الممثلين السابق. هذه حقيقة؛ فبالرغم من تطور الإمكانيات والنماذج والقدرات الإخراجية والفنية، إلا أن العجز الفكري والتمثيلي ظل متمكنا من معظم جوانب الدراما والإنتاج التلفزيوني للمسلسلات اليمنية، وهذا بعكس الأسماء الخالدة في ذاكرتنا اليمنية التي استحوذت بجدارتها على خيالاتنا وذكرياتنا عن الدراما والإبداع والتمثيل المليء بالمتعة والضحكة والقضايا اليمنية الجادة والخالصة، بدون استغلال واستهداف موجه لغرض بنفوس المنتجين والمشترين. 
الدراما اليمنية إبان جيل الكبار كانت روحا منا وخيالا عنا وعن عاداتنا وطباعنا، إلى أن تفرعن السياسيون وافتتحوا قنواتهم الخاصة وبرامجهم الموجهة، ومسلسلاتهم المجيِرة للممثلين والمبدعين. هذا جدير بالذكر؛ فبعدما تم إنشاء قنوات فضائية جديدة بدأت وجوه كثيرة بالظهور في واجهة الدراما اليمنية بدون إمكانيات أو قدرات، ليزداد معها الطلب والعرض والإقبال. ومع هذا التكرار، فقدت الدراما اليمنية روح الإبداع وسمو السيناريوهات والحكايات، لتمضي سنوات وتلحقها سنوات وفيها تغير معظم تفاصيل الوسط الدرامي، واختفت معظم الوجوه الفنية المرتبطة بذاكرة الناس، بعضها تهمشت، وأخرى ماتت، وبقيتها تُركت أو بقيت متماهية مع واقع البلد الجديد.
الممثلون اليمنيون، إلى ما قبل سنوات الاقتتال، كانوا ولازالوا معروفين في كل أصقاع الوطن، بشهرتهم العارمة وإدراك الناس لهم في الشوارع والحارات بديهية. شهرتهم كانت بالغة الأثر وواسعة الظل والبهاء، لأنهم كانوا جزءا من مكونات الأسر والبيوت والمناسبات الدينية والحياتية. اليمنيون تعرفوا عليهم من شاشة تلفزيونية وفكرة درامية وتألق تمثيلي وارتباط فني ومجتمعي عام، بعكس شهرة النت والتواصل الاجتماعي، الشهرة الضئيلة والمبنية على الترجي والتكرار، بخلاف الشهرة المجتمعية والشعبية العارمة لممثلي العقد الفائت، التي بنيت على أساس الموهبة والإبداع والشاشة التلفزيونية فقط، لتنتج عنها معرفة واسعة على مستوى الوطن بأسره، كون التلفزيون هو الأوحد والأشمل. وهذا بعكس جيل التمثيل الجديد، الجيل المنافس بأفكار ومسلسلات لا يشاهدها معظم الناس إلا من خلال مقاطع النت، ولا يهتم بها معظم المجتمع كأساس للمتعة، ولا يجتمع حولها كل أفراد الأسرة في لحظة عامرة وسعيدة وواحدة.
عموما، سيبقى جيل الممثلين اليمنيين خلال العقد ما قبل المنصرم، أعظم ما عرضته الشاشات اليمنية، والمسلسلات اليمنية، والحكايات النابضة بروح وعادات وتقاليد وقضايا الناس، في حالة إبداعية تلاشت وتغيرت وتجددت للأسوأ والأسوأ منه، بل والأردأ والأردأ منه، لتُنجم عزفا شعبيا ومجتمعيا عاما عن المشاهدة والمتعة والاندماج، وهذا على الأقل كما يبدو لي.
 
نقلا عن صفحة الكاتب بالفيس بوك