تعز من عاصمة للثقافة إلى مدينة للسجون السرية

08:13 2022/09/25

تعز، العاصمة الثقافية لليمن، منذ ثمان سنوات والسكان القاطنون بهذه المحافظة واقعون تحت سلطة البندقية والساطور، أو بالأصح واقعون تحت سيطرة سلطتين عرفت بسلطة الحكومة المعترف بها دوليا، وسلطة الانقلاب غير المعترف بها دوليا. وكلتا السلطتين متشابهتان إلى حد التطابق، وتمارسان العديد من الجرائم، منها جرائم الاختطافات الاختفاء القسري، وصار السكان القاطنون  واقعين في جحيم. 
أسرة عصام الأغبري إحدى الأسر التي وقعت في جحيم السلطتين. هربت أسرة عصام من جحيم سلطة الانقلاب، ووقعت تحت جحيم سلطة حسبت على الحكومة المعترف بها دوليا. 
تعرض الشاب أحمد عصام الأغبري لاعتقال من قبل حملة أمنية تتبع  اللجنة الأمنية بالمحافظة، حيث داهمت الحملة منزل عصام الأغبري    منذ أربع سنوات واعتقلت نجله أحمد وصديق نجله محمد بشير المكابري، الذي كان يتواجد بنفس المنزل. وصار الشابان ضمن ضحايا  الاختفاء القسري ولا أحد يعرف مصيرهما منذ تاريخ اعتقالهما، علما بأن هذه الحملة الأمنية التي داهمت منزل الأغبري تأتي ضمن الحملات المتخصصة في مداهمة منازل المواطنين بدون مسوغ قانوني أو أوامر قضائية، وهذا ما يؤكد للعيان  بأن الجريمة المنظمة تدار من قبل  قيادات أمنية وعسكرية.
وبما أن جرائم الاختفاء القسري تعد من الجرائم ضد الإنسانية التي تنظر بها المحكمة الجنائية الدولية، لذا نأمل من الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان العمل بمقترحات  فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن  الذي اقترح إحالة الأوضاع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإنشاء آلية تحقيق جنائية دولية. كذلك ينبغي من مجلس حقوق الإنسان أن يعيد النظر بقرار إلغاء تمديد ولاية فريق الخبراء البارزين المعني برصد الانتهاكات والجرائم في اليمن، كون قرار إلغاء تمديد ولاية الفريق في العام الماضي مثل انتكاسة على الوضع الإنساني والحقوقي في اليمن  وفاقم مأساة اليمنيين، لعدم وجود إرادة سياسية دولية لمعالجة الوضع في اليمن، حيث كان فريق الخبراء يمثل بالنسبة لليمنيين بارقة أمل للحد من الجرائم الجسيمة من خلال عمل الفريق في رصد وتوثيق انتهاكات القانون الدولي الانساني، وقانون حقوق الإنسان بحيادية تامة لجميع أطراف النزاع، كون المنظمات الحقوقية الوطنية غير جديرة بأن تحل محل فريق الخبراء لعدم حياديتها والتزامها بأبسط معايير الرصد الدولي. 
كما ينبغي من المجلس الرئاسي اتخاذ خطوات جادة لإنقاذ الموقف في محافظة تعز من خلال إقالة اللجنة الأمنية والرموز العسكرية  والمدنية المتورطة بانتهاكات حقوق الإنسان وبفساد مالي وإداري، وإعادة الاعتبار لعاصمة الثقافة، كون الوضع لا يحتمل التأخير والتأجيل. فالقيادات  الحالية أصبحت ليس فقط جزءا من المشكلة، بل هي كل المشكلة، وصارت هذه القيادات تفاقم المشاكل وتنتج الأزمات وتصدر  الفوضى ولا تصنع حلولا. 
على أي حال، في حالة عجز المجلس الرئاسي عن تقديم نموذج  دولة  في  تعز، لن يستطيع تقديم نموذج دولة في أي بقعة من أرض اليمن. والذي لا يستطيع إقامة ركائز الدولة في مناطق سيطرته، لن يستطيع استعادة الدولة من يد الانقلابيين.