Image

معتقلون ذاقوا حياة الجحيم في سجون مليشيا الحوثي الارهابية

في زمن الحوثي لم تعد السجون للاصلاح والتقويم وإعادة التأهيل بل أماكن للقمع والتعذيب وتصفية الحسابات خارج نطاق القانون.
وظيفة السجون تغيرت وسجناؤها لم يعودوا من القتلة والمجرمين وإنما من النشطاء السياسيين وأصحاب الفكر والقلم وكل من كان على نقيض مع الفكر السلالي الطائفي الذي جاء من كهوف خارجة عن التاريخ ستعبد البشر وتدمر القيم وتحرق الأرض والشجر.
عصابة جعلت من القتلة مرتكبي الجرائم وخريجي السجون قادة في مسيرتها الظلامية.
"المنتصف" تسلط الضوء على السجون في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي والتي غيبت الكثير من أبناء الوطن الشرفاء واحتجزت الكثير من الشباب لتمارس ساديتها المريضة في التعذيب والامتهان، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
 
يقول عدد من الناشطين إن جماعة الحوثي الارهابية منذ انقلابها شرعت في تغيير كل اللوائح وضربت عرض الحائط بالقوانين المنظمة للسجون التي جعلت منها وكرا للتعذيب والانتهاكات وممارسة العنف ضد السجناء والمعتقلين، سواء في أقسام الشرطة أو المعتقلات أو الأمن القومي أو الأمن السياسي أو البحث الجنائي أو الأمن الوقائي أو الاستخبارات العسكرية، بل وهناك سجون سرية يكتظ فيها المخفيون قسرا.
وليس هذا فحسب، بل يتم اختطاف النساء والأطفال من الشوراع، والزج بهم داخل السجون السرية. 
لم يكن ثمة اي سجون احتياطيه للنساء في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح رحمة الله عليه؛ على اعتبار إن للمرأة  كرامتها ولا يمكن ان تبقي في أقسام الشرطة ولا في أي سجن احتياطي. وكان لا يوجد سوى السجن المركزي. أما في عهد مليشيات الحوثي فأضحى  هناك مختلف السجون الاحتياطية والسرية والمعتقلات
والسجون المركزية للنساء والرجال على حد سواء. فلا فرق عند تلك المليشيا بين رجل وامرأة. فالمرأة في زمن الحوثي ليس لها أي كرامة. وهي جرائم لا تخفى على أحد؛ حيث وثقت منظمة رايتس رادار جرائم الحوثيين ضد النساء عدد القتلى من النساء 668 وإصابة 1733 والاختطافات بلغت 553.
حتى دار الأيتام تم استخدامه كسجن احتياطي للنساء، إضافة إلى البيوت والفلل التي يتم فيها إخفاء السجينات. كما تم إقفال دار الأحداث للفتيات وتحويلهن إلى السجن المركزي وحرمانهن من التعليم والزج بهن في معتقلات المجرمين وأصحاب القضايا الجنائية.
 
هناك ممارسات يندى لها الجبين  يروي الدكتور عبد. القادر الجنيد لـ"العربية نت" من ذكريات الاعتقال في سجون مليشيات الحوثي، ويسرد تفاصيلها بدقه متناهية كأنها البارحة. ما يزيد عن 300 يوم كانت حصيلة اختطافه ورميه في سجون المليشيات، بعد أن "سُحب" من منزله في مدينة تعز بسبب نشاطه وكتاباته ضد المليشيات وجرائمها.
وروى عن قضايا الانتحار التي حصلت أثناء تواجده داخل السجون من سوء المعاملة. 
وقال الجنيد: إن المليشيات تتعامل مع المعتقلين بأسلوب مليء بالشماتة والكراهية، مع رغبة شديدة في الإيذاء والتعذيب، مشيرا إلى أن العديد من المعتقلين لم يتمكنوا من التعايش مع التعذيب، قائلاً: "شاهدت أشخاصاً ينتحرون شنقاً في السجن، فخلال فترة تواجدي انتحر 3 أشخاص، و في إحدى المرات أحضروني من زنزانتي لفحص شخص حاول الانتحار في الثالثة فجرًا". وتابع مستدركاً: "أما من يفشل في الانتحار فيتعرض لعقاب أكبر"، مضيفاً أن "معظم المعتقلين يعانون من انهيارات عصبية، حتى إن البعض فقد عقله بسبب التعذيب، وكانت أصوات البكاء والصراخ تصدر باستمرار من الزنازين المجاورة حيث يقوم البعض بضرب رأسه بشدة بالجدار حتي يصاب بغيبوبة".
 
كما ذكرت إحدى السجينات (ش، ف) قبل اجتياح الحوثين صنعاء أنها قضت في السجن المركزي عشر سنوات وكانت لا تشعر ولا ليوم واحد طوال سبع سنوات بأنها في سجن أو أنها معتقله كانت تعامل كإنسانة تحيا حياة طبيعية من الناحية القانونية والإنسانية تقضي يومها في السجن كأنها في البيت، فقط ينقصها الحرية كانت  تمارس جميع الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والثقافية وأنها تعمل في مطبخ سجن النساء ولديها راتب شهري من إدارة السجن وتعول أسرتها من داخل السجن وهي أرملة ولا يوجد من يعول عنها، والتحقت بمدرسة الميثاق التي تتبع إدارة السجن لتكملة دراستها ومن ثم التحقت بالجامعة منتسبة وتعلمت اشغالا يدوية وكانت تعمل على مكينة الخياطة التي منحتها جمعية الصليب الأحمر.
تضيف: كنت أخيط لأطفالي حتى ملابس العيد وأقوم بإعطائهم أثناء زيارتهم لي ويتم إحضار أولادي عندى كل خميس لكي أقضي معهم الإجازة الأسبوعية. وتغيرت كل هذه الأمور بعد  استيلاء الحوثيين على إدارة السجن المركزي. لم أستطع أن أكمل جامعتي. لقد كنت في منتهى السعاده وأنا أدرس لاني كنت من أسرة محافظة جدا ولم يسمحوا لي إن أكمل دراستي  الجامعية. الحوثيون قاموا بتحطيم فرحتي وتحويلها إلى حزن. تم منعي من العمل في المطبخ وقطع راتبي. صادروا مكينة الخياطة التي حصلت عليها من جمعية الصليب الأحمر. صادروها بحسب أوامر المدير العام، ولست أنا الوحيدة التي تغيرت حياتها داخل السجن بعد دخول جماعة الحوثي، بل تغيرت حياتي أنا وجميع السجينات وحياة أبنائنا الذين كنا نعولهم خارج السجون. وتغير حال السجن بأكمله وشعرنا بأننا في معتقلات للتعذيب وليس للتهذيب والإصلاح كما يدعون.
وتضيف:  حتى إطلاق النساء اللواتي يبغلن في العمر فوق الخمسين سنة بطلب من ولي الأمر وقد لا يوجد لهن ولي أمر يتم احتجازهن حتى يأتي ولي الأمر. مع أنه في القانون في زمن الزعيم الراحل عبد الله صالح كان يمنع بقاء أي سجينة بعد قضاء مدة حبسها ولو حتى ليوم واحد، خاصه النساء الكبار في السن.
 
وكشفت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر انتحار امرأتين في سجون الحوثيين بالعاصمه صنعاء من سوء المعاملة.
كما تحدث السجين (ع.م) الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفا من أن يتعرض للخطر أنه كان محتجزا في السجن المركزي منذ عشرين سنة من عهد الزعيم علي عبد الله صالح، وكانت تهمته القتل. و لأنه لا يوجد لديه راتب ولا وظفية، طلب من إدارة السجن أن يفتح بقالة، وسمحت له إدارة السجن وكان يعمل فيها ويصرف على أبنائه وأسرته. وكثيرون غيره من السجناء كانو يعولون أسرهم من داخل السجن. لكن بعد استيلاء جماعه الحوثيين علي السجن المركزي تم نهب ممتلكات جميع السجناء وتقسيمها علي مدير السجن المركزي المدعو محمد الماخذي ونائبه عادل البدري وعدد من المشرفين التابعين لهم. كما قاموا بمصادرة الممتلكات الخاصه بنا داخل البقالات وقامو بمنعنا من ممارسة أي تجارة أو اي نشاط لكي نقوم بالإنفاق على أسرنا الذين نعولهم من داخل السجن.
 ويضيف: وبدلاً من مساعدتنا يقومون بمحاربتنا  نفسياً ومادياً حتى داخل السجون. وليس هذا فقط بل إنهم يقومون بأخذ الصدقات التي توصل من التجار وإجبار التجار على إعطائهم المبالغ كمجهود حربي للجبهات بمبرر  أن مقاتليهم في الجبهات هم أحق من المعتقلين وأنه لا يجوز علينا الصدقات. وأنا الآن أطالبهم أن يعجلوا بإعدامي لأني سئمت من هذه الحياة وأصبحت جسدا من دون روح. وقد قمت بكتابة وصيتي وإرسالها إلى زوجتي وأولادي لكي يسامحوني لأني لم أستطع أن أوفر لهم حتى لقمة عيشهم ولم أستطع أن أكون معهم في هذه الأيام الصعبة.
وأنا لست الوحيد، حيث يوجد أكثر من خمسة آلاف سجين يعانون نفس معاناتي ولا يستطعون أن يوصلوا أصواتهم، فنحن إما نموت في الإعدام أو نموت من الجوع أو نذهب إلى الجبهة ونموت في القتال.
 
 الدكتور صادق الذي كان مسجونا منذ عشر سنوات لم يسلم من بطشهم هو أيضا. كان مسؤول الصيدلية في السجن المركزي ومندوبا لشركه طبية، يقدم علاجات مجانية للسجناء. قاموا بأخذ الصيدلية منه وتحويله هو إلى قسم المصحة وتم مصادرة جميع العلاجات والمساعدات. 
لم يسكت، بل اعترض قائلا بأن هذه المساعدات خاصة بالسجناء وطلب من السجناء أن يحتجوا على العلاجات والمساعدات التي تم مصادرتها وحسب قولهم أنها للجبهات ولم يمر على الدكتور 24 ساعة إلا وهو في غيبوبة وقالوا أنه أصيب بكورنا وبعد يومين توفي.
وفاة الدكتور كانت عبارة عن رسالة لخمسه آلاف سجين لكي لا يقوم أي شخص باعتراضهم على أي قرار يصدر من إدارة السجن. ولم يكن هو آخر شخص، بل آلاف السجناء لقوا المصير نفسه ولم تعلم عنهم أي جهه ولا أي منظمة.
حتى مغسلة السجن تم الاستيلاء عليها ومنع وطرد العامل الذي كان يعمل فيها وتحويلها لأحد المشرفين الحوثيين التابع لهم. حتى الإفراج أصبح يوضع بشروط معينة، ومنها أن يخضع السجين للدورات التدريبية الخاصة بهم، ما لم لا يتم الإفراج عنا. أما أصحاب القضايا الجسيمة فيتم إخراجهم إلى الجبهات للقتال في صفوفهم وأعطاهم مواقع للقتال ورواتب ويتحول من تاجر حشيش ومخدرات إليكى بطل ساحة المعركة ويصبح الشهيد والبطل مجرما ومهربا.
 
وصرح مصدر عسكري قائلا: منذ عملي طوال خمس عشرة سنة في السجون  لم اصادف التعسفات والانتهاكات يتعرض لها السجناء وأنه يتم إجبارهم على  عدم التعامل مع السجناء بلطف وإنسانية وإجبارهم على تعذيب المعتقلين خاصة السياسيين والصحفيين. ومن يرفض يتم تورطه في قضايا اختلاس ونصب أو خيانة أو تلفيق تهم كيدية بأنه يقوم بإدخال أشياء ممنوعة للسجناء مثل الحشيش وغيرها من الممنوعات، ويتم توقيفهم من وظائف وفصلهم ويصل الأمر إلى حد تصفيتهم. 
ويضيف: حتى نحن الموظفين لم نسلم من تعسفاتهم. أحد الضباط قام بضبط كمية كبيرة من الحشيش داخل قسم التوابة الذي يقع داخل السجن المركزي، ورفع تقريرا إلى مدير السجن عن كمية الحشش التي تم ضبطها وثبتت التحقيقات أن الحشيش يخص أحد المشرفين التابعين لهم مما جعلهم يقفلون القضية في أسرع وقت. 
طلب الضابط إرسال الحشيش إلى النيابة التابعة لإدارة السجن المركزي واتضح بعد رفعه للكمية أن التهم توجهت له وطلب من السجين أن يدعي ضده وأن من أدخل الحشيش هو الضابط المناوب. الجميع يخضع لأمرهم خوفاً من أن يأخذ مصير زميلنا الذي في النهاية تم فصله من عمله لأنه رفع تقريرا على أحدهم.
تلك هي الحياة في السجون فيعهد الحوثي وحياة السجن المركزي على وجه الخصوص. كما أن سجون الشرعية ليست أفضل من سجون الحوثيين ولا  يوجد فرق بين الطرفين. فالحروب قست قلوب الناس ونزعت الرحمة والإنسانية.