Image

لوبي المنظمات الإيرانية في ظل غياب تام للحكومة اليمنية

يستغرب الملايين من اليمنيين من قضية تعامل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان تجاه ميليشيا الحوثي الانقلابية، التي باتت قضية تشغل بالهم، ويأسفون من الصمت المخزي لتلك المنظمات تارة أو إصدار بيانات على استحياء وغير جادة من باب إسقاط الواجب أمام الرأي العام تارة أخرى، تجاه ما يقوم به عملاء طهران من استهداف للأعيان السكنية وقتل المدنيين الأبرياء في عموم المحافظات، إضافة إلى التجنيد الإجباري للأطفال والزج بهم في أتون الحرب.
وما يبعث على الحزن أن مواقف تلك المنظمات تظهر بشكل أقرب ما تكون للتماهي مع الانتهاكات المتواصلة التي تمارسها قوى الانقلاب، منها للإدانة. 
فرغم كل الجرائم التي ترتكبها الميليشيا في مختلف الاتجاهات والأصعدة وعلى مدى سبع سنوات، إلا أن ردود الفعل الدولية لا ترقى لمستوى المسؤولية الإنسانية؛ ما يعتبره المراقبون دعماً لقوى الانقلاب وسبباً في إطالة أمد الحرب ومضاعفة اوجاع اليمنيين أمام انتهاك واضح وصارخ للمواثيق والاتفاقيات الدولية، والتي لا تلقي لها المليشيا بالاً أو تعتبر لها اعتباراً، حتى تولدت قناعة جمعية بمشاركتها في جرائم حرب وإبادة جماعية، وما أوصلنا إلى نتيجة مفادها أن هناك متاجرة جلية للعيان بأرواح البشر وأنها تمارس ابتزازاً مفضوحاً لدول التحالف وعلى رأسها السعودية والإمارات.
وقد تجاوز الأمر إلى حد قيام الحوثيين بممارسة الانتهاكات على مستوى المساعدات الطبية التي تقدم للمواطنين المدنيين في مواقع سيطرة الحوثيين ونهبها وحرمانهم منها، واستخدام المراكز والمشافي الطبية كمواقع طبية عسكرية واستغلالها لمعالجة جرحى جنودهم الذين يصابون في المعارك الطاحنة في مختلف مواقع المواجهة، وإجبار الطواقم الطبية على تقديم الخدمات للمولين لها فقط، ناهيكم عما يواجهونه من تهديد لحياتهم؛ وهو ما حدث لمشفى عبس الريفي، مما أوصل منظمة أطباء بلا حدود لتعليق أعمالها.
ومن جانب آخر، فإن الحوثيين يمارسون ويجيدون التلاعب بالمساعدات الإنسانية التي يقدمها المانحون لتحسين الوضع الإنساني والاقتصادي للمواطن، فتذهب الى جيوب نافذين في المليشيا وتوظيفها بما يخدم المليشيا،فيما يحرم المستحقين  وعلى مسمع ومرأى من المنظمات الدولية دون أي موقف حازم، بل تمارس غض الطرف عن ذلك الفساد والنهب؛ ما يشكل غطاء للانقلابيين وحمايتهم ودعم لجبهاتهم بطريقة غير مباشرة إن لم يكن ذلك بشكل مباشر .
ويبقى السؤال أين تكمن المشكلة إذن؟!
 المشكلة تكمن بحسب مراقبين في أن الكثير من المنظمات الدولية عادة تبحث عن أموال لها وإيرادات ضخمة لتسيير أمورها، أي أنها مؤسسات ربحية وليست إنسانية، وهو ما توفره لها إيران للعمل لصالح أتباعها في اليمن، وغيرها من الدول العربية التي تتدخل في شؤونها ولها أذرع فيها. فقد استطاع النظام الإيراني تشكيل لوبي دولي يعمل على تغطية جرائمها وجرائم فصائلها في المنطقة العربية. ولم تكتفِ بذلك؛ بل إنها وظفت الكثير من عناصرها في تلك المنظمات لرصد بعض الأخطاء غير المقصودة هنا أو هناك من قبل التحالف أو الشرعية واستثمارها على نطاق واسع ودولي إعلامياً من جهة، وتقديمها ك"جرائم حرب"على طاولة المجتمع الدولي من جهة أخرى، وتشويه صورة الحكومة اليمنية والسعودية والإمارات أمام شعوب العالم عبر ناشطين موزعين في أمريكا والدول الأوروبية ينفذون ويقيمون معارض صور لضحايا الحرب، وإلصاقها بالدول الداعمة لدولة ونظام الرئيس هادي. وهي تبذل في سبيل ذلك الإمكانيات الكبيرة، يقابل ذلك تقاعس وإهمال من قبل المنظمات المحلية في الداخل والعاملة في المجال الحقوقي والإنساني، والتي أصبحت غائبة عن دورها الحقيقي وانشغل معظمها وانصرف باتجاه توزيع المساعدات أو إقامة ورش العمل والدورات التدريبية بحثاً عن مصادر دخل، في ظل غياب الرقابة الرسمية عن متابعة نشاطها التي أُنشئت من أجله.
يقول مراقبون إن من أسباب فشل تسويق جرائم الحوثي وإظهار بشاعتها للعالم هو اهتمام المنظمات الحقوقية المحلية بأمور ثانوية وليست أساسية، ولم تعد تقوم بواجبها الأخلاقي والإنساني تجاه قضايا المجتمع اليمني، رغم تلقيها الدعم من منظمات أجنبية ومن الحكومة اليمنية، مؤكدين في الوقت ذاته أن ذلك الغياب عن القيام بدورها الأساسي يصب في خدمة مليشيا الانقلاب، ويرجعون ذلك لعدم استشعارها بالروح الوطنية وواجبهم الأخلاقي. 
ويشدد المراقبون على ضرورة أن تقوم الدولة بعمل حد  إزاء ذلك الإهمال، ومحاسبة القائمين على تلك المنظمات وإعادة تقييم أعمالها خلال فترة سنوات الحرب، مشيرين إلى وجود بعض المكونات التي تعمل بجهود بسيطة وبحسب إمكانياتها الضئيلة، لاسيما العنصر النسوي وهي من تستحق الدعم،  حيث تقدم بعض التقارير للانتهاكات الحوثية لكنها لا تستطيع مجاراة الكم الكبير الذي يعمل لصالح قوى الانقلاب محلياً وخارجياً.
السؤال الذي نبحث له عن إجابة هو: متى ترقى المؤسسات الداخلية العاملة في المجال الحقوقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية وتكثف من جهودها باتجاه كشف جرائم إيران في اليمن وجماعة الحوثي التابعة لها بالتوازي مع دور الحكومة والتحالف العربي بتشكيل شبكة رصد للانتهاكات على المستوى المحلي والدولي وتوفير الدعم اللازم لمواجهة ادعاءات وتزوير وأكاذيب إيران وعملائها؟!