Image

إيطاليا اليوم أمام الفصل الأخير من صعود اليمين المتطرف إلى السلطة

يذهب الإيطاليون اليوم إلى الانتخابات العامة وسط اهتمام أوروبي غير مسبوق بنتائجها التي ترجح كل الاستطلاعات بأنها ستكون لصالح الائتلاف اليميني المتطرف الذي يقوده حزب «إخوان إيطاليا»، وعدم اكتراث داخلي أمام هذا الاستحقاق الذي يتكرر بوتيرة قياسية منذ سبعين عاماً تعاقبت خلالها على إيطاليا 67 حكومة من غير أن تعدل قيراطاً واحداً في النزعة المتأصلة لدى طبقتها السياسية للمكائد والوقوف دائماً على شفا الهاوية.

لا يتوقف الإيطاليون كثيراً عند التحذيرات المتداولة في الأوساط الأوروبية من وصول فلول الفاشيين وحلفائهم من اليمين المتطرف إلى الحكم، لأن هؤلاء سبق وشاركوا في الحكومات الأربع التي رأسها سيلفيو برلوسكوني، وفي الحكومتين الائتلافيتين بين «حركة النجوم الخمس» وحزب «الرابطة». لكنهم لم يصلوا أبداً إلى رأس السلطة التنفيذية كما هو متوقع غداً عندما تتوج النتائج النهائية جيورجيا ميلوني، الطالعة من صفوف الحركة الفاشية، كأول رئيسة للحكومة في تاريخ إيطاليا.

لكن القلق الذي يسود الأوساط الأوروبية منذ السقوط المفاجئ لحكومة ماريو دراغي مطلع الصيف الماضي، له ما يكفي ويزيد من مبررات على الجبهات السياسية والاقتصادية، رغم الجهود التي بذلتها ميلوني في الأسابيع الأخيرة للتطمين والتهدئة والتخفيف من حدة خطابها الناري، الذي رفع شعبية حزبها من 4 في المائة في انتخابات عام 2018 إلى 25 في المائة، إذا صحت التوقعات التي ترجح فوز الائتلاف اليميني بما يزيد عن 60 في المائة من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب.

يتزامن الوصول المتوقع لليمين المتطرف إلى الحكم في إيطاليا مع وصول حزب «النازيين الجدد» إلى السلطة في السويد، التي تعد من أكثر الدول اعتدالاً في أوروبا، ومع احتدام الصدام بين المفوضية الأوروبية والمجر حول الامتثال لقواعد المشروع الأوروبي، واحترام المبادئ والقيم الأساسية التي يقوم عليها. ولم تتردد ميلوني خلال الأسابيع الأخيرة في تكرار دعمها لرئيس الحكومة المجرية، وحليفها السياسي الأول في أوروبا، فكتور أوروبان، مؤكدة وجوب احترام نتائج الانتخابات الديمقراطية التي جددت ولايته للمرة الثالثة، ورافضة القرار الأوروبي حرمان المجر من المساعدات المالية، ومشددة مرة أخرى على موقفها المعروف، وملخصه «أن سياسة المؤسسات الأوروبية خاضعة للنقاش، والأولوية للمصالح الوطنية».

المسؤولون الأوروبيون، الذين يحرصون كثيراً على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا يخفون قلقهم من وقوع إيطاليا في قبضة اليمين المتطرف في هذه المرحلة من الإصلاحات المهمة المطروحة أمام المشروع الأوروبي وطرائق عمله، والمواجهة المفتوحة مع موسكو التي تسعى لتحريك بيادقها داخل الاتحاد الأوروبي لضرب وحدة الموقف من العقوبات والمساعدات العسكرية لأوكرانيا.

هذا القلق المتنامي على وقع التصعيد الأخير في الموقف الروسي، هو الذي دفع المستشار الألماني أولاف شولز إلى التصريح مؤخراً بأن فوز ميلوني سوف يأخذ إيطاليا في الاتجاه الخطأ، وبرئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، إلى الشطط والخروج عن الرصانة الدبلوماسية عندما قالت منذ يومين «سنرى ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات في إيطاليا، بعد الانتخابات الأخيرة في السويد. إن موقفنا يقوم على الاستعداد للعمل مع أي حكومة ديمقراطية مستعدة للعمل معنا... أما إذا سارت الأمور في الاتجاه الصعب، وكانت لنا تجارب سابقاً مع بولندا والمجر، فلدينا الأدوات اللازمة».