ثقافة العبودية .. والمعاناة البشرية ..!!

09:38 2023/05/09

الأحداث التاريخية خلال مسيرة البشر على كوكب الأرض ، وضحت بأن الكثير من البشر يعشقون العبودية والخنوع للظلمة والمستبدين ، بل إن هذا النوع من البشر هم بأنفسهم من يصنعون الطغاة ويشيدون عروشهم ويدافعون عنهم ويمجدونهم ويتلذذون بسياطهم وهي تلسع جلودهم ، وذلك تحت تأثير ثقافة العبودية التي تصنع في داخلهم نفسية العبيد ، تلك النفسية الخانعة التي تبحث فقط عن لقمة العيش التي تبقيها على قيد الحياة ، الحياة التي تسخرها في خدمة الطغاة والأسياد ، والتكاثر لإنتاج أجيال جديدة خانعة ومستعبدة تعمل في خدمة أبناء الطغاة والأسياد ( مصانع إنتاج العبودية ) ، أناس قبلوا على أنفسهم الذل والهوان ولا طموح لهم في العيش بحرية وعزة وكرامة ، بل إنهم يقفون في صف جلاديهم ومستعبديهم عند مواجهتهم لدعاة الحرية والإصلاح السياسي والفكري ، وللأسف هذا النوع من البشر هم الأكثرية عبر الزمن ..!! 
 
وهو ما جعل حياة البشر حافلة بالظلم والطغيان والجبروت والاستبداد ، ودائما ما كان يقف هؤلاء في مقدمة الصفوف للدفاع عن الطغاة والمستبدين إذا ما قرر البعض مواجهتهم واسقاطهم ووقف ظلمهم ، ودائماً ما كانت سيوف العبيد الخانعين هي من تدافع عن عروش الطغاة وتذود عنها وتضحي من أجلها ، وهو ما يؤكد بأن للعبودية عشاق ومريدين في كل زمان ومكان ، عشاق لا يهنأ لهم العيش إلا تحت ظلال العبودية ، عشاق لا يتوقفون عن تمجيد وتعظيم أسيادهم ومستعبديهم ، عشاق يرون في الحرية والتحرر العدو اللدود ، لأنهم يفتقدون للثقة في أنفسهم وعدم الاعتماد على ذواتهم وقدراتهم ، ويفضلون العيش تحت كنف غيرهم حتى وان مارسوا ضدهم الظلم والطغيان ، بل إنهم يشعرون بالامتنان والشكر لهم ..!! 
 
إنها ثقافة العبودية والإتكال على أصحاب النفوذ والسلطة ، لإدارة شئون حياة العبيد بالطريقة التي يرونها مناسبة ، إنها ثقافة الذل والخضوع مقابل البقاء على قيد الحياة ، إنها ثقافة من لا طموح لديه بالعيش في هذه الحياة بعزة وكرامة ومساواة وعدالة ، إنها ثقافة مع القوي يا عون الله حتى وإن كان ظالما وطاغية وحتى وإن كان ذلك في غير مصلحتهم ، انها ثقافة الشعور بالنقص والدونية ، انها ثقافة التمييز العنصري والطبقي ، وبسبب هذه الثقافة السلبية دفع دعاة التحرر والمساواة والإصلاح الفكري والسياسي الكثير من التضحيات ، وهم ينشدون للبشر الحرية والعزة والكرامة والمساواة ، وهم يقارعون الطغاة والمستبدين ودعاة التمييز العنصري عبر الزمن ..!! 
 
كل ذلك.رغم التشريعات الدينية التي تدعوا البشر إلى العيش بعزة وكرامة ، والتي تؤكد بأن الانسان مخلوق مكرم كرمه الله تعالى . وليس من حق أحد أيا كان المساس بذلك التكريم الإلهي أو إنتقاصه ، قال تعالى (( ولقد كرمنا بني آدم )) ، إلا أنه للأسف الشديد لم يتم الالتزام بتلك الأوامر والتشريعات الربانية العظيمة ، فهناك الكثير من البشر هم من يهدرون كرامتهم بأنفسهم ، وهم من يقبلون على أنفسهم الذل والهوان والعبودية ، وهم أنفسهم من يمجدون دعوات التمييز العنصري التي تقسم البشر إلى أسياد وعبيد ، في تعارض واضح مع التشريعات الإلهية التي أكدت بأن البشر جميع البشر مكرمون من الله تعالى ، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ..!! 
 
لكنها للأسف ثقافة العبودية وعشق العبودية والتعود على تمجيد وتعظيم الطغاة والتلذذ بظلمهم وطغيانهم وبطشهم وسطوة سياطهم وسطوة أعوانهم وهم يفرضون عليهم الأتاوات والجبايات الباهضة ، ويأخذون لقمة العيش من أفواه أطفالهم ، وهذه الثقافة هي أسوأ ثقافة عرفتها البشرية ، وهي الثقافة التي شوهت مسيرة البشر عبر الزمن ، وأفقدت الكثير منهم الثقة في أنفسهم وطبعت على جباههم وشم العبودية المشئوم ورسخت في نفوسهم ثقافة الخنوع والذل ، ونزعت منهم حقوقهم وحرياتهم الإنسانية ، ليستمر مشهد الحياة بحضور كبير لفئة العبيد الذين قبلوا على أنفسهم ذلك ، ورفضوا دعوات الحرية والتحرر والعدالة والمساواة ، وانحازوا في صف جلاديهم ومستعبديهم ..!!