Image

تعميمات حوثية تثير موجه من السخرية

منذ انقلابها على الحكم في 2014، كرست مليشيا الحوثي الإرهابية جهودها في تسخير وظائف مؤسسات الدولة المختطفة لصالح أفكارها الطائفية، ووظفتها في كل ما يخول لها التدخل في خصوصيات اليمنيين وشؤونهم وعاداتهم وتقاليدهم ومناسباتهم، وفرضت شروطا وإملاءات تعسفية حد الوصاية عليهم، بمن فيهم النساء.
 
ألزمت مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران المواطنين بمحافظة عمران برفع أسماء العرسان والعرائس كشرط للسماح بإتمام الأعراس، في خطوة تؤكد استمرار مساعيها لفرض الوصاية الدينية والأخلاقية على المجتمع اليمني المحافظ، وتعزيز فرص التدخل وحشر أنفها في تفاصيل وخصوصيات الأسر اليمنية.
 
وتداول ناشطون من رواد التواصل الاجتماعي، تعميماً حديثاً صادراً من قبل القيادي الحوثي "عبدالرحمن العماد"، المعين من قبل المليشيات مديراً لمديرية عمران موجهاً للمشايخ والعقال في المديرية (مركز المحافظة)، تضمن توجيهاً لهم بالرفع بأسماء العرسان في الحارات والعزل والمربعات الخاصة بالمديرية.
 
وكلف القيادي العماد، مشرفاً حوثياً يدعى "ادهم عبدالله دخان" رئيسا للجنة اطلق عليها مسمى "تيسير المهور" لتنفيذ مهمة تلقي أسماء العرسان في كل الحارات والأحياء والعزل والمربعات بمديرية عمران.
 
وأثار التعميم الحوثي، موجة انتقادات وسخرية واسعة بين أبناء محافظة عمران، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، والذين اعتبروه امتداداً لسلسلة ممارسات تعسفية في إطار أعمالها الممنهجة لغرض افساد أفراح المواطنين والتضييق عليهم في شتى جوانب الحياة.
 
وجاء التعميم بعد أشهر على آخر تضمن توجيهات المسؤول الحوثي نفسه في محافظة عمران إلى مالك قاعة للأعراس بالمدينة التي تحمل الاسم ذاته، استثنى فيه ابنة شيخ قبلي من قرار حظر احتفالات الأعراس بعد الساعة الثامنة والنصف مساءً.
 
القيادي الحوثي "العماد"، وجه مالك صالة العمادي للمناسبات، بالسماح بالتمديد والتأخير في مراسم حفل زفاف ابنة الشيخ "عبدالله العسمي" الى الساعة الحادية عشرة مساءً، في استثناء له عن قرار عام سابق، قضى بعدم السماح بتمديد الاحتفالات بعد الساعة الثامنة والنصف مساءً في قاعات المناسبات بالمحافظة.
 
وهاجمت منصة "واعي" على صفحتها في "فيسبوك" القيادي "العماد"، الذي قدم نفسه بصفة «المجاهد» كنوع من الترهيب المليشاوي، بالقول: الأخ «المجاهد» مدير عام مديرية عمران: "بس قلنا نقلك كان عندك أخطاء إملائية وأنت بتوجه بالسماح بزفاف ابنة أحد المشايخ إلى الساعة الحادية عشرة مساءً، بينما المواطن إذا تأخر زفافه إلى بعد الساعة الثامنة يتم تغريم العرسان، وصاحب القاعة، وقد تصل إلى الحبس".
 
وأضافت: ساخرة: "حفل الزفاف بعد الثامنة مساءً إزعاج. لكن سماعات الجوامع يشغلوها قبل أذان الفجر مش إزعاج".
 
وتابعت: "السيارات اللي فوقها مكرفونات تشغل زوامل وتمشي مش إزعاج، المكرفونات في الجولات تشغل محاضرات وزوامل مش إزعاج، الإزعاج فقط هي عندما المواطن يفرح #مالكمكيفتحكمون".
 
واعادت وثيقة القيادي "العماد" إلى الاذهان تعميما سابقا اصدره أواخر العام 2021م، سلفه في إدارة المديرية القيادي الحوثي "نبيه ناصر ابو شوصاء"، حدد فيه مهور الزواج، والموعد الزمني لإنهاء مراسم أعراس النساء في قاعات المناسبات، على أن لا يتجاوز الثامنة والنصف مساءً، متوعدا المخالفين للتعميم بعقوبة السجن وغرامة مالية.
 
والتعميم الذي لا يزال سارياً حتى اللحظة، اعتبره ناشطون "سابقة خطيرة لم يعهدها اليمنيون من قبل".
 
ردود ساخرة
الضجة التي خلفتها الإجراءات والممارسات الحوثية أعادت تسليط الضوء على المخاطر التي يعاني منها المجتمع بشكل عام شمال اليمن في ظل انفرادها في الحكم في كامل مناطق سيطرتها، بدءا بمنع استقدام الفنانين إلى الأعراس في "عمران، وصعدة والمحويت"، ومنع إقامة طلبة وطالبات الجامعات احتفالات التخرج، بذريعة "الاختلاط"، وايقاف خدمة الفور جي "الجيل الرابع - يمن موبايل" في معقل الحوثيين الرئيس بمحافظة صعدة بذريعة التصدي لمخاطر محاولات نشر الفساد الأخلاقي بين الشباب والفتيات.
 
ولاقت تلك الاجراءات ردود افعال ساخرة وانتقادات لاذعة من قبل الناشطين والصحفيين والحقوقيين ونشطاء المجتمع المدني على السوشيال ميديا، معتبرين محاولة المليشيا فرض إملاءاتها وشروط ذات طابع طائفي لاستعبادهم، تأتي ضمن منهجية الجماعة الحوثية لتنصيب نفسها وصية على المجتمع والسيطرة والتحكم بخصوصيات فئاته وإمعانا في التضييق والحرب على الناس والمناسبات الاجتماعية ومنها الأعراس وحفلات الزواج تحت يافطات ومسميات ومزاعم زائفة كالحفاظ على "الهوية الإيمانية" ومواجهة ما اسمتها "الحرب الناعمة".
 
الناشط وهاج المقطري كتب: "ما قد شفت في حياتي واحد ماسك منصب رسمي ويكتب امام اسمه في المذكرات الرسمية لقب "المجاهد" الا اليوم هذا أي والله كاتب المجاهد/ فلان الفلاني وخاتم فوقها بالختم الرسمي!!".
 
وعلق المواطن مهدي يحيى الغويدي على الوثيقة قائلاً: "عاد الجنان يشتي عقل، ايش علاقة الدولة بالحريات الشخصية وتقييد فرحة الناس في الأعراس والحفلات".
 
ووصف الاستشاري ماهر الشميري الإجراءات الحوثية والتدخل بخصوصيات الناس ب"قلة ادب ووقاحة"، متسائلا: "أليس من حق اليمني أن يفرح؟".
 
بينما قال الصحفي وليد العمري في منشور له: "نحن امام جماعة لا عقل لها نصبت نفسَها وصيا دينيا على المواطن وأمواله وتتدخل في كل شؤون حياته بما فيها المظهر والملبس والمناسبات العائلية وكأنه ما زال قاصراً لم يبلغ سنّ الرُّشْد وتحْجُر على حريَاتِه الشخصيّة والعامة وتفرض عليه أفكارها الطائفية بكل عنجهيةٍ وصلف، وكأن المجتمع اليمني يعيش بلا دين ولا أعراف ولا ثقافة ولا تاريخ، وبحاجة إلى من يدير له شؤون دينه وحياته".
 
في حين اعتبر الناشط احمد الحضرمي الوثيقة دليلاً على ما اسماها "عبودية القرن العشرين". بينما قال الاكاديمي جمال حسين بحسرة وحزن: "والله ورقدوا الشعب من مغرب".
 
وبشكل تهكمي علق مدين الصلوي "هؤلاء هم صفوة آل البيت الذين بيحكموا اليمن الكبير".
 
ويرى الصحفي معين الصيادي استثناء المسؤول الحوثي ابنة شيخ قبلي من الإجراءات الحوثية امتيازات مقابل الخدمات الكبيرة التي يقدمها المشايخ الموالون لذراع إيران "كتحشيد ابناء القبائل وارسالهم للقتال في صفوفها وتحفيز الطلاب والطالبات لدخول مراكزها الصيفية الطائفية".
 
ورجح ناشطون استمرار مليشيا الحوثي في اصدار قرارات تضييقية، ولم يستبعدوا أن يشمل خصوصيات شخصية للمواطنين، حيث يقول الناشط نبيل سعيد: "ابشركم.. عاده بيكون دخول العريس بعروسته بتصريح"، في إشارة ضمنية إلى درجة التجاوزات التي تتضمنها القرارات الشخصية الحوثية، دونما مسوغ قانوني يخول لها ذلك.
 
*نقلا عن وكالة خبر