Image

إيجار المساكن في تعز ملف يثقل كاهل المواطنين

في تلك المساحة الجغرافية وسط مدينة تعز، والخاضعة لسيطرة القوات الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، تتفاقم كل يوم معاناة المواطنين، وتتوزع همومهم بين البحث عن لقمة العيش لأطفالهم، أو توفير إيجار المساكن التي يقطنون بها ومصاريف أخرى لا يستطيع أغلبهم تدبرها. 
في تلك المساحة التي يحاصرها الانقلابيون الحوثيون التابعين لايران من خارجها، وسلطة الأمر الواقع من داخلها فرضت على السلع والخدمات جبايات تحت مسميات عدة، أبرزها دعم الجبهات ودعم ما يسمى الجيش الوطني، أثقلت جميعها كاهل المواطن وألقت بتبعاته عليه.
غير أن القضية الأبرز التي تؤرق ساكني مدينة تعز هي قضية الإيجارات، حيث فاقمت الحرب المعاناة وعملت على تدمير أغلب العقارات المخصصة للسكن في عدة إحياء كان يقطنها الكثير من المواطنين في  المحافظة، فيما أفرغت أخرى بدعوى أنها قريبة من خطوط المواجهات العسكرية وذرائع أخرى.
نزح سكان المناطق القريبة من خطوط التماس إلى وسط المدينة؛ ما سبب ازدحاما خانقا في في تلك الأماكن، إضافة إلى قدوم نازحين من المناطق الريفية التي تشهد مواجهات عسكرية .
ارتفعت إيجارات الشقق السكنية في المدينة بنسبة أكثر من 100% عما كانت عليه في السابق؛ حيث أصبح سعر الشقق السكنية الصغيرة والمحتوية غرفتين وحمام ومطبخ مايقارب 60 ألف ريال يمني، أي ما يعادل (100$) فيما تجاوز إيجار الشقق الكبيرة 150 ألف ريال (ما يعادل 300$)، هذه الأسعار في أطراف المدينة والأحياء الغير مكتظة بالسكان.
فرصة إيجاد شقق للإيجار، بحسب زائد سلطان القدسي أحد موظفي مكتب المالية، أمر مستحيل، في الوقت الذي تبحث فيه عن سكن يناسب راتبك الشهري ويناسب قدرتك.
يضيف زائد: "منذ ثلاثة أشهر ونحن نبحث عن غرفة وحمام ومطبخ لأحد الأقارب لتكون سكنا له وزوجته لكنا لم نجد، وإذا وجدنا نجد سعر ايجارها مرتفعا جدا لا يتناسب مع قدراته" .
يضع أغلب مالكي الشقق السكنية شروطا تعجيزية في حال توفرت الشقق، ويجعل مشقة البحث عن شقق للسكن تتفاقم وتزداد. 
في الوقت ذاته، لم تقم سلطة الأمر الواقع في المحافظة بتقديم أي حلول تحد من معاناة الناس الواقعين تحت سلطاتها.
فيما يقول محمد حاج طالب، ويعمل براتب بسيط في أحد مكاتب السلطة المحلية، إنه اجتهد كثيرا أثناء البحث عن شقة صغيرة تؤويه وزوجته؛ غير أنه لم يوفق. بحث كثيرا وسط المدينة ووجد شققا لا يستطيع دفع تكاليفها؛ ما دفعه إلى العودة بزوجته إلى القرية والتي تبعد عن المدينة نصف يوم. 
وتؤكد سالي محمد، طالبة جامعية، الأمر ذاته؛ حيث قالت إنها بحثت عن شقة مناسبة للسكن لها وزميلاتها، لكنها لم تجد شققا قريبة من جامعة تعز ، وطلبت من زملاء لها البحث في أماكن قريبة وفي وسط المدينة ووجدوا، لكنها لم تناسبها حسب قولها بسبب ارتفاع سعر الإيجار والذي يفوق قدراتهن، وعاودت البحث مرة أخرى حتى وجدت شقة مناسبة في حي الموشكي وقريبة من خطوط النار،  وأبرمت العقد مع مالك الشقة بعد أن أقنعت نفسها وزميلاتها أن ذلك المكان هو الحل رغم بعده عن مقر الجامعة والذي بدوره يضيف عبئا على كاهلهن،  لكنها تفاجأت بعد أيام من إبرام العقد بتدخل عاقل الحارة وتأجير الشقة لآخرين وبمبلغ أكبر من المتفق عليه بينها وبين مالك الشقة. 
يبرر مالكو العقارات السكنسة رفعهم للايجار بسبب تدهور العملة الوطنية واعتمادهم على الإيجارات لاعالة أنفسهم، كالحاج ناجي الحارثي مالك عقار سكني، والذي بادر بالقول: "أنا اعتمد على ايجار البيت لانفاقه على أسرتي، لأن الإيجار بالسعر السابق لم يعد يفي باحتياجاتي اليومية".
إلى جانب مالكي العقارات واستغلالهم الانفلات في تعز، برزت إلى السطح طبقة أخرى أكثر انتهازية تتمثل في طبقة الدلالين والذين يفاقمون هم أيضا معاناة المواطنين، بحسب محمد الحاج والذي قال:"الدلالون يستغلون الوضع، فعندما نتوجه لهم نريد منهم البحث عن سكن يطلبون قيمة مشاويرهم وبحثهم، رغم أنهم لا يقدمون الخدمة بقدر ما هو استغلال للزبون".
الأزمة الحادة في أسعار  الشقق السكنية دفعت محافظ المحافظة نبيل شمسان إلى إصدار قرار لضبط أسعار الإيجارات، قضت المادة الأولى منه أن تظل عقود الإيجارات للعقارات المؤجرة سارية المفعول كما هي عليه، وتمدد تلقائيا بنفس القيمة الإيجارية وشروط العقد خلال فترة الظروف الاستثنائية، وإيقاف أي زيادة أو إخلاء حتى زوال الأسباب.
كما نصت المادة الثانية من القرار على ألا يجوز للمؤجر طلب إخلاء السكن في حالة عدم الوفاء بدفع القيمة الإيجارية من قبل المستأجر ولم يقدم الضمانات الكافية للوفاء بها، فيما نصت المادة الثالثة من قرار المحافظة: بالنسبة للعقود الجديدة المعدة للسكن يتم تحديد معايير وضوابط القيم الإيجارية وفقا لسعر المثل المؤجر، ولا يجوز تأخير العقارات ابتداء بالزيادة على قيمة ايجار المثل والتي تراعي الظروف الاستثنائية. ويسري هذا الأمر على جميع العقارات المتخذة للسكن ويستثنى من ذلك العقارات الاستثمارية.
وكانت المادة الرابعة عبارة عن توجيه لأقسام الشركة والجهات الأمنية بعدم التدخل في القضايا المتعلقة بشأن الإيجارات ما لم تكن تنفيذا للقرارات الصادرة من المحاكم الابتدائية المختصة بالنظر في المنازعات الإيجارية العاجلة.
قرارات محافظ المحافظة دفعت رئيس محكمة استئناف تعز أحمد الحمود لتوجيه المحاكم بالعمل بقرار محافظ المحافظة .
القرارات والتوجيهات الصادرة من محافظة المحافظة نبيل شمسان ورئيس محكمة استئناف تعز لم تلق لها سلطات الأمر الواقع بالا، واستمر تدخل أقسام الشرطة في قضايا الإيجارات، فارضين قوانينهم وشروطهم، وألقوا بقرارات المحافظ والمحكمة عرض الحائط