عبد الله عبد الجليل المخلافي.. المعلم المخضرم

11:18 2022/12/20

رحل إلى جوار ربه اليوم أالاستاذ الكريم الفاضل الأستاذ عبد الله عبد الجليل المخلافي الذي كان أول من علمني كتابة الأبجدية.

لن أنسى كيف علمني كتابة حرف العين رحمه الله. كان ذلك في قرية الحصين حاضرة المخلاف. لم نكن ندرس في مدرسة بمفهومها الذي يشتمل على الفصول والمناهج والمعامل والوسائل التعليمية والمعلمين.

 لم تكن هناك مدرسة واحدة في ريف تعز قبل قيام ثورة 26سبتمبر بهذا المفهوم الحديث.

بعد قيام الثورة تطوع رجال من ذوي الهمم العالية ومنهم أستاذي الجليل عبد الله للقيام بمهمة تعليم أبناء القرى، واتخذوا من ظلال الأشجار وبعض المحاريب وبعض المساجد والأضرحة أماكن للبداية بالتعليم بمفهومه الحديث الذي يمتد الى فروع الرياضيات والتاريخ والجغرافيا واللغة العربية والتربية الوطنية والاسلامية.

 كانت ثورة التعليم فاتحة ثورة سبتمبر. كان معظم شباب هذه الجيل المخضرم محرومين من التعليم. كل طموحهم كان يتركز في الحصول على فرصة للاغتراب في المملكة العربية السعودية.

رحلة الغربة تبدأ مرحلتها الأولى  بتحقيق هدف بناء منزل متواضع في القرية والزواج بفتاة، وكان هذا الهدف هو أكبر الأهداف وأهمها وأصعبها.. وإذا تحقق للشاب هذا الهدف استأنف رحلات الاغتراب التي قد تطول أو تقصر وفي كل تلك الرحلات تقتصر مداخيل الشباب على الإنفاق على أسرهم بما يكسبونه من أجور بسيطة وزهيدة تصرف للعامل.

تنهى الرحلات الطويلة بالانسان شيخا قابعا في قريته لايملك من المال شيئا يورثه لأولاده.وقد تنتهي بعض رحلات اولئك الشباب وهو في ربيع عمره يتخطفه الموت في ظل أسباب متعددة.

كان ذلك وضع معظم شباب الجيل المخضرم الذي عاش قبل ثورة سبتمبر وبعدها.

أعتذر للقارئ عن هذا الاستطراد ولكنه ضرورة لتبيين الدور الكبير الذي قام به أساتذتنا المتطوعون بعد قيام الثورة لتعليم الشباب وحثهم على الالتحاق بالصفوف الأولى تحت ظلال الأشجار والمحاريب والمساجد والأضرحة.

كان أستاذي المرحوم عبد الله عبد الجليل المخلافي واحدا من هؤلاء الرواد العظماء الذين تطوعوا للقضاء على التركة الثقيلة من التخلف والجهل التي خلفتها عصور الأئمة الطويلة الثقيلة.

وهم أول من وضع بذرور التعليم الخصبة في المخلاف بعد قيام الثورة.

وبفضلهم نمت تلك البذور أشجارا مباركة باسقة، أنتجت ثمرات كثيرة طيبة نراها اليوم في طول البلاد وعرضها من معلمين في المدارس وأساتذة في الجامعات وأطباء ومهندسين ورواد مجتمع وأصحاب مشاريع مختلفة.