Image

الولايات المتحدة أمام معضلة صعبة بين رفع الأجور ولجم التضخم الشديد

بعدما شهدت الرواتب في الولايات المتحدة ارتفاعاً بسبب نقص في اليد العاملة في السنتين الماضيتين، بدأت مؤشرات الاعتدال تتبلور، وهي شرط لا غنى عنه للجم التضخّم الشديد غير أن الأخطار ما زالت قائمة. ولفتت نيلا ريتشاردسون كبيرة الاقتصاديين في شركة «ايه دي بي» التي تتولى إدارة مدفوعات الرواتب وتنشر دراسة عن العمالة في القطاع الخاص كلّ شهر «نلاحظ تراجعاً للضغوط على الرواتب».

وفي ديسمبر، شهدت الأجور أبطأ نموّ منذ مارس، وفق ما بيّنت الدراسة. وهي ارتفعت بنسبة 7,3% في أثناء سنة للموظّفين الذين بقوا في شركاتهم وبمعدّل 15,2% لهؤلاء الذين انتقلوا إلى مؤسسات جديدة.

وقالت نيلا ريتشاردسون في مؤتمر عبر الهاتف «إنه أمر إيجابي، إذ لا بدّ من أن تتقدّم الأجور بوتيرة سليمة كي يتراجع التضخّم».

وبات المُنحنيان يتقاربان، فقد تباطأ التضخّم في نوفمبر إلى 7,1% في أثناء سنة، في مقابل 7,7% في أكتوبر، وفق مؤشّر «سي بي آي» القائم على المعاشات التقاعدية الأمريكية.

الحاجة إلى العمالة

وتوقعت جوليا بولاك كبيرة الاقتصاديين في موقع إعلانات الوظائف «ZipRecruiter» في تصريحات لوكالة فرانس برس أن «يبقى ضغط الأجور تصاعدياً في المستقبل القريب»، ولا سيّما أن نقص اليد العاملة قد يتواصل. فهذا النقص «هيكلي» والسوق بحاجة إلى «4 ملايين شخص»، بحسب ما قال في ديسمبر جيروم باول رئيس الاحتياط الفدرالي الأمريكي.

ويعزى الوضع بجزء منه إلى تقاعد الكثير من العمّال منذ بدء انتشار الجائحة التي أودت بحياة 1,5 مليون شخص، بالإضافة إلى هجرة غير كافية نتيجة سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وإغلاق الحدود الأمريكية مدّة سنة ونصف سنة بسبب كوفيد-19. ومن ثمّ، يصعب على أصحاب الأعمال في الولايات المتحدة منذ سنتين إيجاد ما يكفي من عمّال نظافة وسائقين ومدرّسين وغيرهم. وهم باتوا يعرضون تأميناً صحياً أفضل ودوامات عمل أكثر مرونة أو أقصر واحتمال العمل من المنزل ومزيداً من المال، في مسعى إلى استقطاب المرشّحين.

مشكلة الأجور

وفي أبريل 2020، حينما كانت الولايات المتحدة خاضعة لتدابير الإغلاق، ارتفعت الرواتب بنسبة 8% مقارنة بالشهر عينه من العام السابق، وفق بيانات وزارة العمل. وسجّلت أولى الزيادات في الأجور في أوساط العاملين في مجال الصحة والبيع بالتجزئة الذين كانوا على الخطوط الأمامية بالرغم من الأخطار المحدقة بهم.

وكرّت السبحة لتشمل قطاع الفنادق والنقل واللوجستية «إذ تعدّ الأجور منخفضة نسبياً وحصل الموظّفون من خارج الملاك الوظيفي على زيادة في الأجور تخطّت 10% فترة من الفترات»، بحسب جوليا بولاك.

العمل من المنزل

وقدّمت هذه الزيادات لمواجهة إغراءات العمل من المنزل المقرون بمنافع عدّة تجذب الكثيرين. وعلى سبيل المثال، «بات من الممكن تنفيذ مهام مساعدة الزبائن التي كانت في السابق تقام في أماكن ضيّقة نسبياً في مراكز اتصال شديدة الضجّة» عبر الإنترنت من المنزل.غير أن تباطؤ ارتفاع الأجور بات اليوم عاملاً مهمّاً للاحتياط الفدرالي في مساعيه إلى احتواء التضخّم فالبنك المركزي الأمريكي يبطئ عن قصد النشاط الاقتصادي مع رفع نسب الفائدة لهذا الغرض، مع ما ينطوي عليه ذلك من خطر زيادة البطالة.