Image

المليشيات تبدأ استغلال بنود الهدنة في شقها الاقتصادي والمالي

بدأت مليشيا الحوثي الارهابية، المدعومة إيرانيا، إجراءات تستهدف ما تبقى من مظاهر الاقتصاد والعملة المحلية في مناطق سيطرتها، في ظل الحديث عن طرح الوسطاء الدوليين ملف توحيد العملة والبنك المركزي بين صنعاء وعدن، كشرط لصرف مرتبات الموظفين.
 
ووفقا لمصادر اقتصادية، فإن مناقشة الملف الاقتصادي فيما يتعلق بجهود الوسطاء الدوليين الرامية للوصول إلى اتفاق هدنة، يتم خلالها صرف مرتبات الموظفين، وفقا لآلية يتم التوافق حولها، من أهم بنودها توحيد العملة والبنك المركزي، دفع الحوثيين لوضع إجراءات جديدة تستهدف الشركات التجارية وشركات الصرافة في مناطقها للاستحواذ على أكبر قدر من الأموال والعمليات الاقتصادية لصالح عناصرها، وتمويل أهدافها التدميرية.
 
إجراءات مصالح
 
وذكرت المصادر أن إقرار الميليشيا إيقاف التراخيص لأي شركة صرافة جديدة، إضافة إلى إلزام الشركات الحالية العاملة في مجال الصرافة والتحويلات برفع رأسمالها وتوريد 25 في المائة منه إلى حساباتها في البنك المركزي الخاضع لسيطرة الميليشيات في صنعاء، يصبان في اتجاه مساعي الحوثيين الهادفة للاستحواذ ومصادرة كمية كبيرة من الأموال والشركات التجارية. 
 
وكان بنك صنعاء، الخاضع لسيطرة المليشيا، أصدر قرارين يتمثل الأول بتحديد الحد الأدنى لرأس المال المدفوع للترخيص بمزاولة أعمال الصرافة، حيث تم تحديد رأسمال شركات الصرافة المشغلة لشبكات الحوالات المالية المحلية عند مليار و250 مليون ريال بما يزيد عن مليونين ومائتي ألف دولار، فيما حدد القرار رأسمال شركات الصرافة عند 500 مليون ريال، على أن يتم تحديد رأسمال منشآت الصرافة في المناطق التي لا تتوفر فيها خدمات مالية عند 50 مليون ريال.
 
وألزمت المليشيا كل شركة ومنشأة بإيداع ضمان نقدي بالريال بما يعادل 25 في المائة من قيمة رأس المال، كضمان لما سمته الالتزام بالقوانين والتعليمات التنظيمية، ومنحت الشركات مهلة ثمانية أشهر لرفع رأس المال وتوريد الضمان النقدي.
 
في اتجاه آخر، اعتبر مراقبون القرار تمهيداً لإغلاق شركات ومؤسسات الصرافة، ومن ثم تحويل الأعمال التي قاموا بها خلال الفترة الماضية إلى البنوك الحكومية والتجارية، ليسهل التحكم بها.
 
ـ العصابة الحوثية تسعي للاستحواذ على العمليات المالية والتنموية المقبلة
 
استباق الاتفاق
ووفقا للمصادر الاقتصادية، فقد استبق بنك صنعاء إقرار الآلية الجديدة التي يتم مناقشتها عبر الوسطاء الدوليين مع الأطراف المتنازعة، بشان توحيد العملة والبنك المركزي بين صنعاء وعدن، بإصدار تلك القرارات والإجراءات، والتي يسعى من خلالها الحوثيون للاستحواذ على جميع العمليات المالية في هذا البند، خاصة فيما يتعلق بصرف المرتبات.
 
كما هدفت المليشيات لسحب البسطاء من تحت سلطة بنك عدن، وإظهار أن البنك في صنعاء هو المتحكم بالعملية المصرفية والمالية الوحيد، وأن أي عمليات مستقبلية لتنفيذ أي عمليات تنموية واقتصادية وتمويلها ستكون عبر البنك في صنعاء.
 
وكانت الميليشيا الحوثية أخفت العملة الورقية وسحبتها من السوق المصرفية، خاصة فئة "الألف ريال"، من أجل التمهيد لضخ كميات جديدة من النقد المطبوع خارجيا بناءً على تفاهمات بناء الثقة بموجب المفاوضات الجارية بوساطة عمانية لتجديد الهدنة، شأنها شأن فتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء.
 
عمليات الحوثيين طالت المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية، حيث اختفت خلال الفترة الاخيرة العملة المحلية الجديدة فئة الألف ريال أيضا من سوق الصرافة، وحلت بدلا عنها عملات من فئة المائتي ريال والخمسمائة ريال، حيث تم صرف مرتبات الموظفين والحوالات المالية في شركات الصرافة بتلك العملة.
 
ـ الحوثية تبدأ مرحلة القضاء على الاقتصاد والعملة المحلية 
 
أزمة سيولة
ويشهد القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين أزمة سيولة خانقة بفعل السياسات النقدية الحوثية، منذ تجميد الاحتياطيات القانونية للبنوك وأرصدتها لدى البنك المركزي والتصرف فيها، ومنع تداول الطبعة الجديدة من العملة الوطنية في مناطق سيطرتهم، ما دفع المليشيات حاليا لاستغلال ذلك للاستحواذ على العمليات المصرفية والطباعية للعملة لتعويض ذلك، والاستحواذ على العمليات المالية المحلية وفقا لسياسات الجماعة المالية التي تحاول إقناع العالم بأنها الأنجع للمرحلة القادمة.
 
كما تشهد البنوك أزمة الإجراءات الحوثية وقرارها الذي نص على مصادرة الفوائد على الودائع باعتبارها "ربوية" لصالح عناصرها الإرهابية، ما تسبب في أزمة ثقة بين البنوك وعملائها، واضطر العديد منهم إلى سحب ودائعهم من البنوك.
 
وفي ظل تلك الإجراءات الحوثية الرامية للاستحواذ على العمليات المالية لصالح مناطقها، تقف الحكومة اليمنية عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات لمواجهة الحوثيين، حيث يرى مراقبون ماليون أن الفساد المستشري في صفوف عناصر الشرعية وهيئاتها المصرية والاقتصادية جعلها تقف عاجزة أمام أي تحركات حوثية لسحب البساط المالي والاقتصادي والتنموي من تحت أقدامها.
 
الشركات التجارية
وفي التزامن مع الإجراءات النقدية والمصرفية في مناطق المليشيات الرامية لدعم مواقعها المالية الخاصة بعناصرها الإرهابية عبر عمليات احتيال تمارسها ضد البنوك وشركات الصرافة، سعت أيضا، بالتزامن مع تلك الإجراءات المصرفية، لفرض إجراءات على الشركات التجارية في مناطقها للاستحواذ عليها ومصادرتها لصالح اقتصاد الجماعة الموازي.
 
وفي هذا الإطار، أغلقت مليشيا الحوثي مؤخرا شركة تجارية تابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم التجارية والصناعية في صنعاء، سبقها مصادرة وإغلاق العديد من الشركات في مناطق سيطرتها بلغت أكثر من 128 شركة ومؤسسة تجارية، وحولتها للعمل لصالح عناصرها وقياداتها الإرهابية، تحت سطوة السلاح المنفلت الذي تستخدمه لإخضاع المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
 
وأغلقت عناصر الجماعة مقر شركة "نادفود" الرئيسي لصناعة الألبان في مديرية الوحدة وسط العاصمة، وبررت المليشيا هذا الاستهداف بأن أسبابه تعود إلى خلاف مع الشركة حول التسعيرة التي وضعها مكتب الصناعة والتجارة التابع للجماعة.
 
وفي كل مرة، تغلق مليشيا الحوثي مكاتب الشركات التجارية بحجة رفع الأسعار، لكنها سرعان ما تعود لفتحها بعد تسلمها مبالغ مالية وإتاوات.
 
وكان رجل الأعمال حسن محمد الكبوس قد دعا التجار ورجال الأعمال، في بيان له الأسبوع الفائت، إلى التوحد والوقوف صفا ضد المؤامرات التي تستهدف القطاع التجاري.
 
ورغم ذلك، هددت الجماعة بإغلاق المزيد من الشركات التجارية، في حال مخالفتها للتسعيرات التي أعلنت عنها، والتي تصب في خدمة عناصرها ومصالحها الخاصة.
 
وأفادت مصادر مطلعة إن عملية الإغلاق تأتي لفرض مزيد من الجبايات وعملية الابتزاز التي تمارسها الجماعة على التجار والمستثمرين في مناطق سيطرتها، والتي تنتهي بدفع مبالغ مالية دون أن يتم الالتزام بالأسعار التي يتم الإعلان عنها من قبل الجماعة.
 
تحذير يسبق الانهيار
وحذرت المصادر من أن هذه الإجراءات تؤدي إلى انهيار الاقتصاد اليمني بشكل كامل، مؤكدة أنها تهدف بالدرجة الأولى إلى إفلاسهم والزج بهم في السجون والسطو على أموالهم وممتلكاتهم. 
وأفادت بأن العديد من الشركات الصغرى والمراكز التجارية أغلقت أبوابها بسبب تلك الممارسات الحوثية المستمرة.
 
وكانت وسائل إعلام يمنية كشفت عن تعرض رجل الأعمال حسن الكبوس للاعتداء من قبل مليشيا الحوثي، كما اختطفت أمين أحمد قاسم وحجزت على أمواله، وتعرض أمين جمعان لمحاولة اختطاف.
ووفقا للمصادر، فإن المليشيات تستغل التراخي الدولي في التعامل مع جرائمها واستباحتها لكل ما هو واقع في مناطق سيطرتها، فضلا عن الخضوع والخنوع الذي أبدته المنطقة في سبيل الحصول على اتفاق سلام مع الجماعة التي لا تؤمن بالسلام، وعقيدتها السلاح والدمار والقتل للحصول على المكاسب.